القائمة الرئيسية

الصفحات

ما هو حكم العربون الّذي يدفعه المكتري لمحلّ (كقاعة أفراح) أو وسيلة نقل (كحافلة)، أو مسدي خدمات (كطبّاخ)، وتزامن تنفيذ العقد مع هذه الفترة التي يحجّر فيها اجتماع النّاس وتنقّلهم بسبب الحجر الصّحّي وقانون منع الجولان من أجل الوقاية من انتشار وباء "كورونا"؟

الجواب: عقود الإجارة التي يتعذّر فيها على المستأجر استيفاء المنافع من الأمور التي عقد عليها، ككراء حوانيت وقاعات أفراح وندوات علمية وكراء وسائل نقل من حافلات وشاحنات وسفن واستئجار طبّاخ وسائق، وكان قد تزامن استيفاء هذه المنافع مع الحجر الصّحّي وقانون منع الجولان والتّنقّل من أجل الوقاية من انتشار وباء "كورونا"، فإنّ هذه العقود تنفسخ، وقد سوّى فقهاء المذهب في هذا بين التّعذّر بسبب راجع إلى المؤجّر أو بسبب خارج عن إرادته ولا قدرة له على دفعه، سواء كانت جوائح سماوية أو جوائح آدمية كأمر السلطان بغلق الحوانيت أو غصب ظالم للأشياء المؤجّرة، نصّ على ذلك الشيخ خليل في مختصره، بحيث لا يتمكّن مستأجرها من الانتفاع بها، قال الشيخ المواق في شرحه: "وتفسخ الإجارة إذا أمر السلطان بإغلاق الحوانيت بحيث لا يتمكن مستأجرها من الانتفاع بها، لأن كل ما منع المكتري من السكنى من أمر غالب لا يستطيع دفعه من سلطان أو غاصب، فهو بمنزلة ما لو منعه أمر من الله كانهدام الدار أو امتناع ماء السماء حتى منعه حرث الأرض، فلا كراء عليه في ذلك كله؛ لأنه لم يصل إلى ما اكترى" (التاج والإكليل: 7/563). ويُعدّ هذا الوباء جائحة سماوية أدّت إلى أن يأمر السلطان النّاس بعدم الجولان والتّنقّل والاجتماع، ما يتعذّر معه استيفاء المستأجرين المنافع المؤجّرات في زمن الوباء، فالقاعدة في هذا عامّة، وهي "فسخ الإجارة بتعذّر ما يستوفى منه المنفعة" (حاشية الدسوقي: 4/31، وأقرب المسالك: 2/280، والفقه المالكي وأدلته: 6/314).
وإذا دفع المستأجر عربونا للمؤجّر، فإنّه يسترجعه؛ لأنّ العربون لا يجوز أن يكون إلاّ جزءا من الثمن في المذهب المالكي ولا يحقّ للمؤجّر أخذه إذا لم تتمّ الصفقة (الفقه المالكي وأدلته: 5/122)؛ والحقّ في هذه المسائل للمستأجر؛ لأنّه لم ينتفع بما اكتراه واستأجره.
والله أعلم.


الحبيب بن طاهر
المدينة الجديدة ـ تونس ـ في: 25 مارس 2020 م
الموافق لـ 1 شعبان 1441 هـ


Image may contain: text

تعليقات

التنقل السريع