القائمة الرئيسية

الصفحات

التقاليد الجنائزيّة في البيت الحسيني


لقد استقرّ الأمر في البيت الحسيني منذ فترة طويلة من الزمن على أن تكون التقاليد الجنائزيّة على النحو التالي:  
إذا ما توفي الملك فإنه لا يمكن صدور الاذن بدفنه الا إثر مبايعة ولي العهد بالملك. ذلك أن تقاليد العائلة الحسينيّة تقتضي أن لا يدفن الملك إلاّ ملك مثله. فإذا ما تمّت البيعة يأذن الملك الجديد بنقل الجثمان إلى القصر السعيد بضاحية باردو حيث يتم تجهيزه ثم يلتحق به الملك والأمراء والأعيان بلباسهم الرسمي على أتم هيئة فيأذن الملك بسير الموكب الجنائزي ويوضع الجثمان على نعش مخصوص وتوضع عليه الكسبات والنياشين والشاشيّة المثبتة فيها الخبشات التي تعد شعار الملك. وقد كان المماليك في العهد القديم يسيرون أمام النعش رافعين صكوك عتقهم وذلك تقربا إلى الله زلفى.هذا بطبيعة الحال قبل إبطال الرق في تونس على يد المشير الأول أحمد باشا باي سنة 1846. 
يمتطي الملك الجديد وحاشيته وآل بيته عرباتهم وينتقلون رأسا إلى القصبة ويكون وصولهم بطبيعة الحال قبل وصول الموكب الجنائزي. وقد جرت العادة أن يترجل الملك أمام زاوية سيدي عبد الله الشريف الكائنة خارج القصبة (قرب كلية العلوم الانسانيّة والاجتماعية اليوم) ثم ينتقل الموكب الملكي إلى بطحاء القصبة حيث يعد مجلس بتربة لاز ينال به الملك نصيبا من الراحة فإذا وصلت الجنازة يتقدم أعضاء المجلس الشرعي فيصلّون صلاة الجنازة على الميت وسط بطحاء القصبة برئاسة شيخ الاسلام الحنفي، ثمّ يأمر الملك بسير الركب وعند مستوى دار الباي يقف الملك وآله لتقبل تعازي رجال المجلس الشرعي ووجوه الناس ويقفل راجعا من حيث أتى، على حين يرفع الجثمان إلى مثواه الأخير بتربة الباي حيث يُدفن بالمكان المخصص له بعد أن يكون لواء العسّة قد انتزع النياشين والأوسمة والمحزمة الذهبية والسيف والكسبات، فمنها ما يسلم إلى الملك الجديد ومنها ما يسلم إلى ورثة الهالك. 
هذه هي القاعدة العامة، أما استثناؤها فقد جاء على يد الملك محمد الهادي باشا باي فإنه لما توفي والده علي باشا باي الثالث سنة 1902 وبويع بالملك استنكف من أن يمضي ويفارق أباه في بطحاء القصبة فواصل السير مع الموكب الجنائزي حتى تربة الباي وأشرف على مراسم الدفن بنفسه.

تعليقات

التنقل السريع