القائمة الرئيسية

الصفحات


من الجدير بالذكر أن التربات العائلية لم تظهر في تونس بالمفهوم المتداول اليوم إلا عند حلول الأتراك العثمانيين وانقراض الدولة الحفصية بخلع السلطان مولاي محمد الحفصي ونفيه إلى إيطاليا. وقد جلب العثمانيون معهم جملة من التقاليد أهمها إدخال المذهب الحنفي في البلاد التونسيّة بعد أن كان المذهب السائد هو المذهب المالكي. ومن جملة ما جلبوه أيضا عادة إنشاء تربات عائلية تشيّد داخل الحاضرة حذو المساكن والمدارس والجوامع بعد أن كان أهل البلاد لا يعرفون للدفن مكانا غير المقابر العموميّة.والغالب على الظن أن هؤلاء الأتراك قد شعروا بكونهم غرباء عن هذه المدينة فأرادوا تجذير بيوتاتهم بها فكانت التربة صيغة من صيغ هذا التجذير. ويعتبر يوسف داي (1610 - 1637م) أول من سنّ ذلك في تونس. فبمناسبة إحداثه لجامعه المعروف بسوق البشامقية والمنسوب إليه (جامع سيدي يوسف) أسس تربة خاصة به. واقتفى أثر يوسف داي الكثيرون سواء منهم أبناء الجالية التركية كآل بالخوجة وآل لاز وآل الجزيري أو من أبناء البلاد الأصليين كآل محسن. ويعتبر حمودة باشا المرادي (1631 - 666م) من أشهر من اعتنى بالتربة العائلية اذ أردف جامعه الحافل الكائن حذو زاوية الولي أحمد بن عروس بتربة بديعة بها قبره إلى جانب قبور آل بيته باستثناء الأمير رمضان باي الذي لا قبر له. وعلى هذا المنوال في إنشاء التربات الخاصة سار الملوك الحسينيون. فكانت لهم عناية خاصّة بهذه الظاهرة الحضاريّة.

تعليقات

التنقل السريع