القائمة الرئيسية

الصفحات

محاذير خافها رسول الله ﷺ على حافظ القرآن

    الحمد لله رب العالمين وبه وحده ثقتي وأستعين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين وكل من تبعه بإحسان إلى يوم الدين، (...) مجلس القرآن؛ هو مجلس الاحتفال بمن حَمَلَ القرآن، مجلس عظيمٌ جدَّا، إذا كانت أسماء الصالحين إذا ذُكرت في مجلسٍ نزلت عليه الرحمة، فما بالكم إذا حضر المجلس حامل القرآن والمعتنون بكتاب الله تعالى، الذي هو أصل الإسلام وموئل الإسلام وكهف الإسلام، وهو الذي يحصّن الأمة من كل تيَّاراتٍ تُريد أن تنحرفَ بالأمة يمينا وشمالا سواء كان ذلك من خارج المنظومة الإسلامة ، أو للأسف الشديد من داخل المنظومة الإسلامية.


    والمسلمون ينظرون إلى حملة كتاب الله، وينظرون إلى علماء الإسلام، وينظرون إلى أئمة الدّين على أنهم قدوة، فينظرون إلى أعمالهم وتصرفاتهم قبل أن ينظروا إلى عِلمهم. قد يكون من عالم علمٌ، قد يحفظ، قد يكون له فهم لكن فهمه يناقض عمله والعكس، فتسقط هيبته ويسقط اتباعه، وبذلك تكون الكارثة ـ للأسف الشديد ـ على المسلمين. ولذلك بقدر ما أسعد بوجود من يحفظ كتاب الله ، بقدر ما أخاف من محاذير خافها رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة. بقدر ما أفرح ببهجة القرآن ونور القرآن على وجه حامله ، بقدر ما أخاف مما يقع فيه حامل القرآن، إذا لم يكن قد أخذ هذا القرآن كما أخذه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قد تعجبون عندما تسمعون أن عمرَ بن الخطاب بقي أكثر من عشر سنوات يحفظُ سورة البقرة، ما أيسر حفظ سورة البقرة على أي مسلم منا، نحن رأينا دورات يقال لك فيها : في شهر تحفظ سورة البقرة.


    إذن ما الذي جعل عمر بن الخطاب يحفظ سورة البقرة في أكثر من عشر سنوات؟ لأنّ الحفظ الذي طلبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس مجرد أن تضع القرآن بين جنبيك فقط . النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إنَّ مِن ضِئْضِئِ هذا، أَوْ: في عَقِبِ هذا قَوْمًا يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ" أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري. قد يحفظ القرآن لكنه حفظ مقطوع البركة، الذي يحبه والذي يطلبه هو أن يكون الحفظ متصل البركة -أي- متصل السند برسول الله صلى الله عليه وسلم ، بجبريل ، برب العالمين، لأن القرآن هو حبل؛ أوَّله بيد الله وآخره بيدك أنت، فإذا كان هذا الحبل مقطوعا ضاعت البركة.


    ولذلك كان علماؤنا يصرّون على أن لا يُحفِّظ القرآن إلا من حفظ عن حافظ -أي- حفظ عن من كان له سندٌ بالقرآن متصل برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قالوا:" لا تأخذ القرآن عن مصحفيّ" القرآن لا يؤخذ من المصاحف فالمصاحف متوفرة، لكنّ القرآن لا يؤخذ إلا من شيوخ تلقوا هذا العلم عن شيوخهم عن شيوخهم ...عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا بد من وجود هذا السند. ولكن إلى جانب ذلك لا بد أن يكون هذا السند متصلا مع العلم والفهم لأن حسن الفهم عن الله نتيجته حسن العمل بالإسلام. أما سوء الفهم فهو المصيبة الكبرى التي دُخل علينا من خلالها.

    أليس الذي قتل الإمام عليًّا رضي الله تعالى عنه أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أشقى الأمة، وأشقى الأمم الذين نحروا الناقة وأشقى أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقتل الإمام علي رضي الله تعالى عنه، هو ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :"تَحْقِرُونَ صَلاتَكُمْ مع صَلاتِهِمْ، وصِيامَكُمْ مع صِيامِهِمْ، وعَمَلَكُمْ مع عَمَلِهِمْ" حتى عندما أرادوا قتله قال لهم :" افعلوا فيَّ كل شيء إلا أن تقطعوا لساني فإنيَ لا أحب أن أموت إلا وأنا أذكر الله" تصوروا..!!! حتى تعلموا أن حفظ القرآن مزية عظمى من الله سبحانه وتعالى على المؤمن وكرامة كبيرة يُكرِم بها هذا الحافظَ، وقيمته فينا وفي أمتنا عظيمة جدا، ونور القرآن وبهجة القرآن مشرقة على وجهه وعلى جسمه، لكن مع اجتناب المحارم لماذا؟ لأن الذي لا يعرف الشر يقع فيه. تقولون لي: نحن فرحون .. آتنا بكلام في فضل الذي يحفظ،.. أفرحنا، ولكن بقدر سعادتي بقدر ما أخاف محاذير! أليس الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي شجع على حفظ القرآن وقراءة القرآن؟، أليس هو الذي أيضا شجع على تدبر القرآن واتباع أمر الله تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) سورة محمد / 24، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في هؤلاء “لا يتجاوز تراقيهم” يعني القرآن لا يصل إلى عقولهم ولا يتدبرونه بقلوبهم ولذلك ماذا فعل الخوارج؟ أتوا إلى آيات نزلت في الكفار فحكموها في رقاب المسلمين، والخوارج مسلمون ،ومعظهم حفاظ للقرآن ، لكنهم أخطؤوا السبيل ، فقتلوا الإمام عليًّا وما أدراك ! وقاتله أشقى أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان همُّه أن يموت وهو ذاكر لله سبحانه وتعالى.


    ولذلك كما نفرح بحفظ القرآن نقول لا بد من الفهم الصحيح،لا بد من حسن الفهم للقرآن، ولذلك كان مؤدبونا يعلمون القرآن، ومع آيِ القرآن أبيات من متن ابن عاشرٍ في الفقه وبعض جملٍ من متن الآجروميّة في اللغة، لماذا؟ لكي يُحسِن حافظ القرآن الفهم لكتاب الله سبحانه وتعالى. كان شيخ شيوخنا الشيخ الهادي بوجميل –رحمه الله- طلبتُه وهم في الكتاب يعلمهم المتون مع حفظ القرآن، فإذا ذهبوا إلى جامع الزيتونة لم يدخلوا في مستوى السنة الأولى بل دخلوا في السنة الثانية، لماذا؟ لأنهم يحسنون الفهم الذي أخذوه عن مؤدبيهم.


    ويوم استُهزِء بالمؤدبين ، ويوم أُهمل المؤدبون، ويوم صار المؤدبون سُبَّة ، دخلت علينا المفاسد والشرور، نعم دخلت علينا المفاسد والشرور ، لأننا لم نحسن التعامل مع مؤدبينا. المؤدب إنما هو خليفةٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو الذي يُعلِّمُ وَلَدَكَ حسن الفهم عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم.


ويوم أن أصبحت الكتاتيب مراقص ماذا وقع لأبنائنا؟ تخرج أبناؤنا فارغين من العلم. لكنّ المسلم من طبعه يحنّ إلى ربّه، هم أرادوه كافرا، هم أرادوه ملحدا ، هم أرادوه بعيدا عن الإسلام ، ويأبى الله سبحانه إلا أن يبذر بذرة الإيمان في قلب ذلك المسلم.


طيب عادوا إلينا ، إلى المساجد .. ملؤوا المساجد والحمد لله رب العالمين، فماذا وقع؟ استطاع من لا يُحسن الفهم عن الله أن يُعشِّش في عقولهم وقلوبهم فينحرفوا به عن الخطّ الصحيح . وعند ذلك قلنا من أين أتى الإرهاب؟ هل أتى الإرهاب من المساجد لنأمر بغلقها؟ أم أتى الإرهاب من غلق المساجد وغلق الكتاتيب والإستهزاء بأهل الكتَّاب وأهل المساجد؟ الإرهاب لم يأت من المساجد، الإرهاب أتى من يوم أُغلقت المساجد . الإرهاب أتى من يوم أغلقت الكتاتيب واستُهزء بالمؤدبين، وأعلى هرم في السلطة ماذا يقول؟ يقول: [العقل جوهرة ثمينة، والمؤدبون هم الذين أساؤوا لها؛ بسبّح اسم .. هبْ هبْ هبْ] هكذا استهزؤوا .. والكبار منا قد سمعوا ذلك .. ويعرفون .. سمعوا بآذانهم استهزاءه بالمؤدبين وبالإملاءات،.. الذين يحفظون القرآن كلاب عندهم ... ولذلك نفرح عندما نجد حفظة كتاب الله سبحانه وتعالى رغم أن القانون ماذا يقول في الكتاب؟ يقول إن الكتاب لا يدرّس أكثر من سن الخامسة فقط، خمسة سنوات يقرأ في الكتاب ولا يتجاوز حفظه الحزبين، وأين الباقي كله؟ نبدؤها بالكتاب وننهيها بدخلة البكالوريا .. هذه العادة السيئة.


ولذلك أتمنى أن لا أرى حافظا أو اثنين أو ثلاثة ولا مدرسة ولا اثنين ولا ثلاثة .. بل أرى أكثر من ذلك .


وبقدر ما أتكلم بمرارة عن هذا الوضع بقدر ما أقول لإخواننا المعتنين بالقرآن: خذوا العلم عن أهله ولا تصنفوا العلماء ، فإن بدأت بالتصنيف ؛ هذا العالم من جماعة فلان وهذا من جماعة فلان وهذا كذا وهذا كذا؛ فلن تفلح عن الأخذ عنهم.


أخذنا عن كل علمائنا الموالي والمعارض واللا موالي واللا معارض، ثم يصبح عندك الميزان الذي تزن به وتعرف به الحق من الباطل.


تفتح المواقع الاجتماعية فلا تجد إلا السبّ والشتم :كل شيخ عنده مجموعة تسبه، أنت عندك شيخ هو المثل الأعلى عندك ، لكن عند غيرك ليس كذلك ، والعكس .
إذن؛ عمن نأخذ؟ لم يسلم أحد ، لا الذي في درجة الإفتاء ولا الذي في درجة القضاء.


ولذلك أُذكِّر بهذا الحديث ، واسمحوا لي .. ولربما كنتم تظنون أني سأدخل عليكم السعادة والفرح لكلمة تتحدث عن فضل القرآن وفضل الحافظين، نعم لهم فضل عظيم وكبير ... لكني اخترت حديثا كي يكون لنا حافظا من المزالق. حتى إذا أخذنا القرآن أخذناه ونحن على صراطه المستقيم .. ونحن على هداه؛ هذا الحديث ذكره ابن الكثير في تفسيره ورواه أبو يعلى الموصلي وجوّد ابن كثير إسناده وصححه بعض أهل العلم، الحديث من حديث حذيفة ابن اليمان الذي كان كل الصحابة يسألون عن الخير وهو يسأل عن الشر مخافة أن يقع فيه، فنحن عندما ندرس الشر نتعلمه لنحذره فلا نقع فيه.


يقول فيه حذيفة بن اليمان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّما أتخوف عليكم رجلا قرأ القرآن حتى إذا رؤيَت بهجته عليه وكان ردءًا للإسلام غيّره إلى ما شاء الله فانسلخَ منه ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك، قال سيدنا حذيفة بن اليمان: يا نبي الله أيهما أولى بالشرك؛ المرمِيُّ أم الرَّامي؟ قال صلى الله عليه وسلم: بل الرّامي".


يقول فيه حذيفة بن اليمان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما أتخوف عليكم – إنما أداة حصر يعني كأن الأمة الإسلامية لا تخاف إلا من هذا- رجلا قرأ القرآن حتى إذا رؤي بهجته عليه وكان ردءًا للإسلام- القرآن له بهجة وله نور وله إشراق على الوجوه ثم إن حامل القرآن وحافظه هو ردءٌ للإسلام وهو نصر للإسلام وكل الناس ترى في حافظ القرآن وحامل القرآن نصرا للإسلام . وبقدر ما يوجد حفاظ في بلد بقدر ما نشعر بالراحة والنصر .. أمر طبيعي، فقال صلى الله عليه وسلم:" حتى إذا رؤيت بهجته عليه وكان ردءًا للإسلام غيّره إلى ما شاء الله فانسلخ منه -لم يقل سلخه الله بل إنسلخ هو منه لماذا؟ لأن القرآن لم يبلغ قلبه؟ القرآن بصدره لكنه لم يتجاوز تراقيه، لم يُحسن الفهم عن الله تعالى، انسلخ ؛ وكلمة انسلخ يعني كمثل الثعبان كرمكم الله عندما ينسلخ من جلده، فهل تغير الثعبان عندما انسلخ من جلده؟ لم يتغير بل بقي الثعبان على حاله والمعني أنه كالثعبان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ونبذه وراء ظهره ـ ياساتر ـ؛ القرآن أين؟ أليس في صدره؟ ألم نقل حافظا للقرآن؟ لماذا؟ أنظروا النتيجة الأساسية التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه النتيجة الخطيرة، والنتائج غير هذه كثيرة قال صلى الله عليه وسلم: وسعى – أي حافظ القرآن - على جاره بالسيف ورماه بالشرك، أي أنه حكم فيه أيات القرآن التي هي في من؟ التي هي في الكفار والمشركين حكمها فيه.


من؟ في جاره المسلم لأن الأصل في المسلم أن يسكن في جوار المسلمين قال سيدنا حذيفة بن اليمان: يا نبي الله أيهما أولى بالشرك؛ المرمِيُّ أم الرَّامي؟ قال صلى الله عليه وسلم: بل الرامي". من هو الرَّامي؟ هو حافظ القرآن؛ حافظ لكنه غير فاهم ؛هذه هي المصيبة.


وهذا ما نريده من أبنائنا وقد خصّكم الله بهذا المسجد بثلة من أهل العلم لكن للأسف الشديد تنتظرون أن يأتيكم زهير الجندوبي وعندكم من هو أحسن منه ألف مرة : مصدّق الجدلي ـ ولا أقسم ظهره ولكن أقول الحقيقة ـ لكن يذكرني ذلك بما قاله شيخنا عبد الرحمان خليف رحمه الله حينما ذهب إلى إحدى الأماكن بالساحل ليلقي محاضرة وكان أحد زملائه من رجال الزيتونة حاضرا وبعد أن ألقى المحاضرة التفت الشيخ وقال يا شيخ عبد الرحمان الكلام الذي قلته هو الذي أقوله لهم دائما. فضحك الشيخ وقال "راقصة حيِّنا لا تطربُ" بلغتنا العامية "عروسة باب دارنا عورة"... نبحث عن الذي يأتينا من الخارج مثل قنديل باب منارة يضيئ على من بخارجه. هذا الحديث الذي استدل به الإمام ابن كثير وقال ورد في معنى هذه الآية من قوله تعالى: "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ".


طيب لماذا أخذت هذه الآية؟ الكلب كرمكم الله خلاف الإنسان؛ الإنسان عندما يتنفس يقوم بالشهيق والزفير فعندما يشهق يختزن الهواء في رئتيه ويقع تحويل الأكسيجن إلى الجسد بطرق علمية ليس من اختصاصي ولا احب أن أتكلم في غير اختصاصي، لكنّ الكلب كرمكم الله لا يستطيع أن يخزّن الهواء في رئتيه فيكون الشهيق والزفير متواصلا دون انقطاع من أول ما يكون في بطن أمه إلى يوم يموت، والكلب يلهث شبعان وجائع، لو قام الإنسان بهذه العملية لأصابه ضنك شديد، تصور إنسان يلهث لهثا متواصلا، ولذلك كان مثل الكلب لماذا؟ لأن من انسلخ عن القرآن مثله كمثل ماذا؟ قال رب العزة سبحانه وتعالى في وصف من أتاه القرآن وأتاه الذكر فلم ينتفع به شبّهه رب العزة سبحانه وتعالى بمن؟ بالأعمى قال ربي: " قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِيَ أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى". وقبلها ماذا قال: " وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" . ولذلك كان التشبيه هنا بمن؟ بالكلب ـ كرمكم الله ـ لأن الإنسان لم يُخلق مثله ، فلو لهث لأصابه الضمأ لانحرافه عن الأصل. فحسن الفهم عن الله تعالى هو الذي يعصم الأمة من الانحراف.


ولذلك مثلما أفرح بمن حفظ القرآن ، أنا في انتظار أن أفرح به يوم يتخرّج عالما ولو من غير دخول إلى الكليات . لكن يثني ركبتيه أمام الشيوخ ، ويتعلم منهم ، وعند ذلك تكون الفرحة تامة عارمة، لماذا؟ لأنه بقدر وجود هؤلاء الحافظين العالمين المحسنين الفهم ، بقدر ما تسير سفينة الإسلام على الصراط الذي أراده لها الله سبحانه وتعالى.
حفظني الله وإياكم من كل شر ومن كل سوء وجعلني الله وإيّاكم في زمرة الحاملين لكتاب الله العالمين العاملين به والداعين إليه، سبحان ربك رب العزة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
_______________


كلمة ألقاها فضيلة الدكتور الشيخ #زهير_جندوبي حفظه الله تعالى في إحدى مناسبات ختم القرآن الكريم لأحد الطلبة.

زهير الجندوبي


تعليقات

التنقل السريع