القائمة الرئيسية

الصفحات

ترجمة الشّيخ عبد الرحمان خليف

 

ترجمة الشّيخ عبد الرحمان خليف

(1917 -- 2006م )

هو العالم الفاضل الجليل الألمعي شمس عصره وزينة مصره الشّيخ عبد الرّحمن بن عليّ بن محمّد العربي خليف القيرواني قدّس الله ثراه وأكرم مثواه. ولد المغفور له –إن شاء الله تعالى- يوم 5 شعبان 1335ه الموافق للسّابع والعشرين من ماي 1917م.

كان والده فقيراً إذ كان يشتغل بنجارة المحاريث الخشبيّة، عرف بصدقه وأمانته ونصحه لمن يقصده، وكان محبّاً للقرآن وأهله لذلك حرص على إدخال ابنه عبدالرّحمن إلى الكتّاب رغم الموجة الرائجة آنذاك والّتي ترى في المدارس مستقبلاً واعداً.

دخل الكتّاب وحفظ القرآن على الشّيخ المؤدّب عليّة بن غانم رحمه الله وأسكنه فراديس جنانه، فكان له الأثر الكبير في تكوين الشّيخ عبدالرحمن فأتمّ حفظ كتاب الله في ثلاث سنين؛ أي في سنة 1931م.

التحق بالتعليم الزيتوني في جمادى الأولى 1350ه - سبتمبر أيلول 1931م، ثمّ انتقل إلى تونس سنة 1934م وحصل على الشّهادات التالية وكلّها بتفوّق:

- شهادة الأهليّة سنة 1355ه / 1936م .

- شهادة التحصيل في القراءات السّبع 1358ه / 1939م.

- شهادة التحصيل في العلوم 1359ه / 1940م .

- شهادة العالميّة في فنّ القراءات 1360ه / 1941م .

- شهادة العالميّة في العلوم بالقسم الأدبي 1363ه / 1944م .

درس شيخنا رحمه الله على الأفاضل من المشايخ بكلّ من القيروان وتونس: فنذكر على سبيل المثال لا الحصر:

- القراءات : المشايخ الهادي بن محمود، ومحمّد الباجي، وحمودة بن يحيى.

- الفقه : المشايخ محمّد بن عمر العلاّني، ومحمود صدّام، ومحمّد بوراس.

- البلاغة : الشّيخ محمّد الشّاذلي النيفر.

شارك في مناظرة للتدريس بعد وفاة الشّيخ عبد الملك بن فرحات وقبل فيها من بين 3 مرشّحين وذلك سنة 1943م. وبعدها شارك في مناظرة للتدريس من الطبقة الثّانية في تونس سنة 1944م فقبل فيها وأقام بحمّام الأنف وبقي فيها حتّى سنة 1952م.

انطلقت مع سنة 1952م قراءة الحزبين القرآنيين اليوميّة إثر صلاة المغرب بجامع عقبة بن نافع ومازالت هذه الختمة الشّهريّة تقرأ إلى يومنا هذا، كما انطلقت إملاءات يشرف عليها خريجو الزيتونة من أمثال الشّيخ صالح البحري حفظه الله ورعاه، والشّيخ الطيّب الورتتاني رحمه الله تعالى، وشيخنا الفاضل عبدالرحمن رحمه الله، وذلك بالمساجد.

عيّن الشّيخ عبدالرحمن على إدارة الفرع الزيتوني بالقيروان خلفاً للشّيخ يوسف بن عبد العفو رحمه الله، وذلك سنة 1956م.

وكانت له المبادرة بإنشاء معهد للطلبة خارج الجامع الأعظم فكان الحي الزيتوني بالوسط، وتمّ تكليف لجنتين لجمع التبرّعات عن طريق مقتطعات ذات 100 و500 مليم. اللّجنة الأولى فيها الشّيخين سالم الشّعباني وعليّ بوحولة، واللّجنة الثّانية فيها السيّدان خالد القهواجي والمختار الحولة.

في أكتوبر 1960م تمّ عزله عن إدارة المعهد مع بقاءه به كأستاذ، ولكن في 17 جانفي حدثت واقعة ما أطلق عليها: «الله أكبر ما يمشيشي» حيث عمدت السلطة آنذاك بعد إزاحته من إدارة المعهد إلى نفيه إلى حامّة قابس بالجنوب التونسي لإبعاده عن النّشاط الدّيني، ممّا أثار غضب القيروانيين الّذين خرجوا للتعبير عن رفضهم ذلك الإجراء، وعلى إثرها حوكم الشّيخ مع العديد من المشايخ وتلاميذه بجامع عقبة. وقد حكم على الشيخ آنذاك بالسّجن المؤبّد مع الأشغال الشّاقة. ثمّ على إثر تدخّلات عديدة تمّ الإفراج عن الشّيخ عبد الرحمن في أوت 1962م، وتمّ نقله إلى مدينة سوسة للتدريس بالمعهد الثّانوي للذكور مع الإقامة الجبريّة بها. وبقي بها حتّى سنة 1970م. وحين عاد إلى القيروان عام 1970م كان جامع عقبة ما زال تحت الترميم وإعادة البناء، فقام بالتدريس في جامع الباي إثر صلاة العصر وذلك خلال شهر رمضان، ولمّا تمّ فتح جامع عقبة تولّى الإمامة والخطابة به مع الشّيخ الطاهر صدّام، وعادت الدروس الليليّة مع الإملاء القرآنيّة.

رغم أعباء الشّيخ المهنيّة والدينيّة فإنّه كان معطاء في التأليف خاصة بعد تفرغه من عمله، وهذه قائمة الكتب الصادرة للشّيخ :

- رسالة: «من مسائل الصيام» بمشاركة الشّيخ الأمجد قديّة، طبعت بتونس 1952م.

- كتاب: «التربية من الكتاب والسنّة» بمشاركة أستاذين، طبع بالعراق وقرّر للتدريس بتونس .

- كتاب: «العقيدة والسلوك» بمشاركة أستاذين –طبع بتونس، وقرّر للتدريس بتونس.

- كتاب: «ترتيب مناسك الحجّ» طبع بتونس سنة 1972م.

- كتاب: «آفاق الصيام في الإسلام» طبع بتونس سنة 1990م .

- كتاب: «كيف تكون خطيباً» طبع بالسّعوديّة، وبلبنان، وبمركز الدراسات الإسلاميّة بالقيروان سنة 1994م.

- كتاب: «أين حظّ الإسلام من لغة القرآن؟» طبع بالكويت.

- كتاب: «مشاهد النّاس عند الموت» طبع بمصر 1997م.

- كتاب: «مشاهد النّاس بعد الموت» طبع بتونس 2002م.

- كتاب: «تنوير المسالك لأداء المناسك».

توفّي رحمه الله تعالى وأسكنه فراديس جنانه ورضي عنه عصر الأحد 19 محرم 1427ه / 19 فيفري 2006م .

ودفن صباح الاثنين، و شهد جنازته وفود رسميّة من وزراء، وكتاب دولة، ورؤساء مصالح، وتلاميذه، وأصدقائه و من عامّة النّاس ما لا يحصى، حتّى بلغ الجموع الحاضرة في التشييع بحوالي ثلاثين ألفاً.

وفي الختام يجدر بنا أنّ نسجّل أمرين :

الأمر الأوّل: هو أنّ السّماء بدأت تقطر بقطرات من الماء منذ خروج جثمان الشّيخ من جامع عقبة بعد الصّلاة عليه، وذلك حتّى وصوله إلى مكان الدفن.

الأمر الثّاني: هو أنّه كان لوفاته وقعاً على بعض العصاة من الذكور والإناث الّذين شاهدوا موكب الجنازة فعادوا إلى جادة الطريق، فعاش شيخنا داعياً إلى الله ومات على ذلك فهنيئاً له وتغمّده الله بعفوه.

 

تعليقات

التنقل السريع