276- وَسُنَّتِ الْعُمْرَةُ فَافْعَلْهَا كَما*** حَجٍّ وَفِي
التَّنْعِيمِ نَدْباً أَحْرِمَا 277- وَإِثْرَ سَعْيِكَ احْلِقَنْ وَقَصِّرَا*** تَحِلَّ مِنْهَا
وَالطَّوَافَ كَثِّرَا 278- مَا دُمْتَ فِي مَكَّةَ وَارْعَ الْحُرْمَهْ*** لِجَانِبِ
الْبَيْتِ وَزِدْ فِي الْخِدْمَةْ 279- وَلَازِمِ الصَّفَّ فَإِنْ عَزَمْتَا*** عَلَى الْخُرُوجِ طُفْ
كَمَا عَلِمْتَا 280- وَسِرْ لِقَبْرِ الْمُصْطَفَى بِأَدَبِ*** وَنِيَّةٍ تُجَبْ
لِكُلِّ مَطْلَبِ 281- سَلِّمْ عَلَيْهِ ثُمَّ سِرْ لِلصِّدِّيقْ*** ثُمَّ إِلَى
عُمَرَ نِلْتَ التَّوْفِيقْ 282- وَاعْلَمْ بِأَنَّ ذَا الْمَقَامَ يُستَجَابْ*** فِيهِ
الدُّعَا فَلَا تَمَلَّ مِنْ طِلاَبْ 283- وَسَلْ شَفَاعَةً وَخَتْماً حَسَناَ*** وَسَلْ شَفَاعَةً
وَخَتْماً حَسَناَ 284- وَادْخُلْ ضُحىً وَاصْحَبْ هَدِيَّةَ السُّرُورْ*** إِلَى
الْأَقاَرِبِ وَمَنْ بِكَ يَدُورْ |
(باب العمرة وآداب زيارة المسجد النبوي
والروضة الشريفة) مقدمة: - التَّنْعِيمُ: اِسْمُ مَوْضِعٍ قُرْبَ أَطْرَافِ الْحَرَمِ. - الْحُرْمَةُ: مَا عَظَّمَهُ اللهُ تَعَالَى وَأَمَرَ
بِتَعْظِيمِهِ وَعَدَمِ انْتِهَاكِهِ. - الصَّفُّ: صَفُّ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مَعَ الْإِمَامِ. (صِفَةُ الْعُمْرَةِ وَحُكْمُهَا) • الْعُمْرَةُ: عِبَادَةٌ ذَاتُ إِحْرَامٍ وَسَعْيٍ وَطَوَافٍ. حُكْمُهَا: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ مَرَّةً
فِي الْعُمُرِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ؛ فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
رَضِىَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: أَوَاجِبَةٌ الْعُمْرَةُ؟ قَالَ: «لاَ، وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ
لَكَ». [السنن الكبرى للبيهقي، باب من قال العمرة تطوع] • وَتَقَدَّمَ أَنَّ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهَا جَمِيعُ
الْعَامِ، وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهَا فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ عَلَى الْمَشْهُورِ،
وَأَجَازَ ذَلِكَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ. • وَيُسْتَحَبُّ الْإِحْرَامُ بِهَا مِنَ التَّنْعِيمِ
بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاجِّ بِالْإِفْرَادِ، وَهُوَ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ
النَّاظِمُ؛ لِأَنَّهُ الرَّاجِحُ فِي الْمَذْهَبِ. • وَأَمَّا الْمُتَمَتِّعُ فَقَدْ دَخَلَ مَكَّةَ مُحْرِماً
مِنَ الْمِيقَاتِ بِعُمْرَةٍ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ الْيَوْمَ
طَلَبًا لِلتَّيْسِيرِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَّ لَا يَتَحَكَّمُ فِي رِحْلَةِ
الْحَجِّ الَّتِي تَحْكُمُهَا ضَوَابِطُ إِدَارِيَّةٌ؛ وَكَذَلِكَ الْحَاجُّ
بِالْقِرَانِ فَقَدْ أَحْرَمَ مِنَ الْمِيقَاتِ لِقِرَانِهِ بَيْنَ الْحَجِّ
وَالْعُمْرَةِ. • وَمِنْ أَدِلَّةِ الْإِحْرَامِ مِنَ التَّنْعِيمِ: حَدِيثُ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، يَرْجِعُ
النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ، وَأَرْجِعُ بِنُسُكٍ وَاحِدٍ، فَأَمَرَ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِي إِلَى التَّنْعِيمِ
... [السنن الكبرى للنسائي، ج 6 ص 413] • وَصِفَةُ الْعُمْرَةِ فِي الْإِحْرَامِ وَاسْتِحْبَابِ
الْغُسْلِ وَالتَّنْظِيفِ، وَفِيمَا يَلْبَسُهُ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنَ
اللِّبَاسِ وَالطِّيبِ وَالصَّيْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي التَّلْبِيَةِ
وَالطَّوَافِ وَالرَّمَلِ وَالرُّكُوعِ بَعْدَهُ وَالْسَّعْيِ بَعْدَهُ
كَالْحَجِّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ. • تَخْتَلِفُ العُمْرَةُ عَنِ الحَجّ فِي أَنَّ أَرْكَانَهَا تَنْحَصِرُ
فِي ثَلَاثَةٍ: اَلْإِحْرَامُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ، وَأَنَّ التَّحَلُّلَ
مِنْهَا يَكُونُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ السَّعْيِ بِالْحَلْقِ أَوِ
التَّقْصِيرِ. (أَحْكَامُ أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ ) تَنْقَسِمُ أَعْمَالُ الْعُمْرَةِ
بِاعْتِبَارِ أَحْكَامِهَا إِلَى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ: - أَرْكَانٌ لَا تُجْبَرُ، - وَاجِبَاتٌ تُجْبَرُ، - سُنَنٌ لَا شَيْءَ فِي تَرْكِهَا. • فَأَرْكَانُهَا ثَلاثَةٌ: الْإِحْرَامُ
وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ. • وَاجِبَاتُهَا الْمُنْجَبِرَةُ
بِالدَّمِ كَالْحَجِّ فِيمَا يَسْتَوِيَانِ فِيهِ، وَمِنْهَا الْحِلَاقُ؛
فَيُجْبَرُ بِالدَّمِ إِذَا تَرَكَهُ حَتَّى رَجَعَ لِبَلَدِهِ، أَوْ طَالَ
الزَّمَنُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مُوجِبَاتِ الدَّمِ. • أَمَّا السُّنَنُ وَالْمُسْتَحَبَّاتُ فَكَالْحَجِّ أَيْضاً
فِيمَا يَسْتَوِيَانِ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ. ( آدَابُ مَا بَعْدَ الْحَجِّ
وَالْعُمْرَةِ وَالزِّيَارَةِ الشَّرِيفَةِ
) 1- آدَابُ مَا بَعْدَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ: • لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ آدَابٌ تَابِعَةٌ يَنْبَغِي
إِتْيَانُهَا؛ فَيُسْتَحَبُّ لِلْآفَاقِيِّ مَا يَلِي: أ- أَنْ يُكْثِرَ الطَّوَافَ
بِالْبَيْتِ، وَمِنْ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ، مَا دَامَ بِمَكَّةَ لِتَعَذُّرِ
هَذِهِ الْعِبَادَةِ الْعَظِيمَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا. ب- أَنْ يُرَاعِيَ حُرْمَةَ مَكَّةَ
الْمُشَرَّفَةَ لِجَانِبِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ
مُبَارَكًا؛ فَيَتَجَنَّبُ فِيهِ الرَّفَثَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ،
وَيُكْثِرُ فِيهِ مِنْ فِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَيُلَازِمُ فِيهِ الصَّلَاةَ فِي
الْجَمَاعَةِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِ الْبِرِّ. عَلَى أَنَّ ذَلِكَ
مَطْلُوبٌ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَزَمانٍ، إِلَّا أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ فِي هَذَا
الْمَكَانِ أَكْثَرَ، لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الطَّاعَةَ تَعْظُمُ
بالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَيَكْثُرُ ثَوابُهَا. ج- أَنْ يَطُوفَ إِنْ عَزَمَ عَلَى
الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ طَوَافَ الْوَدَاعِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَعْلُومَةِ
مِنَ الِابْتِدَاءِ بتَقْبِيلِ الْحَجَرِ إِلَى آخِرِ صِفَةِ الطَّوَافِ. وَقَدْ
سُئِلَ الْإمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ: أَيُّهُمَا أَحَبٌّ إِلَيْكَ:
الْمُجَاوَرَةُ أَوِ الْقُفُولُ؟ فَقَالَ: السُّنَّةُ: اَلْحَجُّ، ثُمَّ
الْقُفُولُ. 2- زِيَارَةُ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ
وَالْقَبْرِ الشَّرِيفِ: • يُنْدَبُ لِلْحَاجِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ مَنَاسِكِ
الْحَجِّ: أ - أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ مِنْ
كُدىً، وَيَقْصِدَ زِيَارَةَ المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ؛ لِأَنَّهَا
سُنَّةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا، وَفَضِيلَةٌ مُرَغَّبٌ فِيهَا، وَزِيَارَةَ
قَبْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضاً لِأَدَاءِ أَدَبِ السَّلَامِ
عَلَيْهِ وَعَلَى صَاحِبَيْهِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا،
وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَقَاصِدِ الشَّرِيفَةِ؛ مُرَاعِياً الْإِكْثَارَ مِنَ
الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنُّزُولَ خَارِجَ
الْمَسْجِدِ. • فَإِذَا وَصَلَ الْمَسْجِدَ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ إِنْ كَانَ
وَقْتاً يَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَإِلَّا بَدَأَ بِالْقَبْرِ الشَّرِيفِ؛
وَتكُونُ صَلَاتُهُ فِي مِحْرَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِنْ قَدَرَ، أَوْ فِي الرَّوْضَةِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَوَاضِعِ. • ثُمَّ يَتَقَدَّمُ إِلَى الْقَبْرِ
الشَّرِيفِ، وَلَا يَلْتَصِقُ بِهِ، وَيَسْتَقْبِلُهُ وَهُوَ مُتَّصِفٌ
بِالذُّلِّ وَالْمَسْكَنَةِ وَالِانْكِسَارَ وَالْفَاقَةِ وَالِاضْطِرَارِ،
وَيَسْتَشْعِرُ أَنَّهُ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَوْتِهِ وَحَيَاتِهِ، فَيَبْدَأُ
بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ؛ قَالَ مَالِكٌ: فَيَقُولُ: اَلسَّلَامُ
عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛ ثُمَّ يُسَلِّمُ
عَلَى أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. • كَرِهَ مَالِكٌ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ الْوُقُوفَ بِالْقَبْرِ
كُلَّمَا دَخَلَ أَحَدُهُمُ الْمَسْجِدَ وَخَرَجَ؛ قَالَ: وَلَا بَأْسَ لِمَنْ
قَدِمَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ خَرَجَ إِلَى سَفَرٍ، أَنْ
يَقِفَ عِنْدَ الْقَبْرِ، فَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَيَدْعُوَ لَهُ وَلِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. ب- أَنْ يَزُورَ الْبَقِيعَ
وَالْقُبُورَ الْمَشْهُورَةَ فِيهِ، وَمَسْجِدَ قُبَاءٍ، وَيَتَوَضَّأَ مِنْ
بِئْرِ أَرِيسٍ، وَيَشْرَبَ مِنْهَا؛ وَعَدَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْمُقَامَ
عِنْدَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ لِيَغْتَنِمَ مُشَاهَدَتَهُ
أَكْثَرَ، وَلِأَنَّهَا لَا تُمْكِنُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَقَامِ. ج - أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ
لِنَفْسِهِ وَلِوَالِدَيْهِ وَلِكُلِّ الْمُسْلِمِينَ بِالتَّوْفِيقِ
وَالْوَحْدَةِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ وَالْخَتْمِ بِالْحُسْنَى فِي
الدُّنْيَا، وَنَيْلِ الشَّفَاعَةِ الْعُظْمَى فِي الْآخِرَةِ؛ يُلَازِمُ ذَلِكَ
فِي كُلِّ حِينٍ، رَاجِياً أَنْ تُسْتَجَابَ دَعْوَتُهُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ. د - أَنْ يُعَجِّلَ الرُّجُوعَ إِلَى
أَهْلِهِ وَبَلَدِهِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اَلسَّفَرُ
قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ
وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ وِجْهَتِهِ فَلْيَعْجَلْ
إِلَى أَهْلِهِ». [الموطأ، ما يؤمر به من العمل في السفر،
ج 2 ص 344] هـ - أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ نَهَاراً،
وَلَا يَطْرُقَهُمْ لَيْلاً، كَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ
الْمُغِيبَةُ؛ وَالْأَفْضَلُ أَوَّلُ النَّهَارِ ضُحىً. و - أَنْ يَسْتَصْحِبَ هَدِيَّةً
يُدْخِلُ بِهَا السُّرُورَ عَلَى أَقَارِبِهِ وَمَنْ يَدُورُ بِهِ مِنَ
الْحَشَمِ وَنَحْوِهِمْ؛ وَذَلِكَ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ
يَلْحَقْهُ فِي ذَلِكَ كُلْفَةٌ. وهذا نختم شرح باب الحج والعمرة. |
تعليقات
إرسال تعليق