القائمة الرئيسية

الصفحات

العلامة محمد المختار السلامي الزيتوني المالكي الأشعري

العلامة محمد المختار السلامي الزيتوني المالكي الأشعري


انتقل إلى جوار ربه مساء الاثنين 19 أوت 2019 الشيخ محمد المختار السلامي عن عمر ناهز 94 عاما.

هو العلامة الأستاذ الخطيب المفتي الفقيه المحدّث سماحة الشيخ محمد المختار بن أحمد بن محمد السلامي. ولد رحمه الله تعالى بصفاقس يوم 10 أكتوبر 1925، ونشأ في بيت علم وصلاح.

وبعد حفظ القرآن الكريم والتحصل على الشهادة الابتدائية التي مكنته من اتقان اللغتين العربية والفرنسية، ألحقه والده رحمه الله بالفرع الزيتوني في صفاقس سنة 1939، حيث نال شهادة الأهلية، ثم التحق بجامع الزيتونة المعمور في العاصمة. فاندرج في سلك طلبته إلى أن أحرز على شهادة التحصيل في العلوم بامتياز. ثم واصل تعليمه العالي بجد وكدّ الى أن تحصل على شهادة العالِمية «شعبة أصول الدين» سنة 1948 بملاحظة حسن جدا.

وقد تتلمذ على الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور ونجله الشيخ محمد الفاضل والشيخ محمد المختار بن محمود وغيرهم... ثم نجح بعد ذلك في مناظرة التدريس (وكان الناجح الأول). فدرّس بجامع المهدية ثم بجامع الزيتونة. وشارك فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي في مناظرة التدريس من الطبقة الثانية. فنجح فيها بامتياز وذلك سنة 1952.

وفي سنة 1956 عيّن مديرا للفرع الزيتوني ببنزرت. ثم انتقل سنة 1959 إلى الحاضرة ليشغل خطة مدير للفرع الزيتوني اليوسفي.

هذا والجدير بالملاحظة أن أستاذنا الجليل شارك في الإصلاحات الجديدة على برامج التعليم الزيتوني وذلك إثر انعقاد المؤتمر القومي الزيتوني الثالث (بالحي الزيتوني) سنة 1955 تحت إشراف ملك البلاد آنذاك محمد الأمين باي الذي قرر إدخال إصلاحات جديدة على التعليم بالجامع الأعظم حتى يصبح تعليما عربيا إسلاميا معاصرا يجمع بين العلوم النقلية والعلوم العصرية واللغات الحيّة. وتكوّنت لجان في مختلف المواد العلمية والشرعية لتحقيق هذا الهدف.

وعيّن سماحة الشيخ محمد المختار السلامي عضوا بلجنة العلوم الشرعية مع إخوانه المشايخ الأفاضل: محمد اللقاني ومصطفى بن جعفر ومحمد الأخوة ومحمد العربي العنابي وإبراهيم ابن القاضي والتهامي الزهار ومحمود القرجي ومحمد شمام والبشير العريبي وأحمد مختار الوزير وعلي التريكي وعثمان العياري وأحمد الشعار رحمهم الله جميعا. وقد بذلت هذه اللجان جهودا جبارة في إصلاح التعليم. وتوصلت إلى نتائج إيجابية.

ولكن -للأسف- وقع إجهاض هذا المشروع الإصلاحي وألغي التعليم الزيتوني بعد الاستقلال.

وفي سنة 1962 عهدت إلى فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي خطة ناظر عام بمعهد ابن شرف فقام بهذه المهمة أحسن قيام.

وفي سنة 1977 عيّن أستاذنا الجليل متفقدا للتعليم الثانوي العام ثم كلّف بعد ذلك -بالتحديد سنة 1979 - بخطة متفقد أول للتعليم الثانوي. واستمر في مباشرة هذه الخطة بكل أمانة وإخلاص إلى أن عيّن مفتيا للجمهورية التونسية سنة 1984 خلفا للمرحوم العلاّمة الشيخ محمد الحبيب بن الخوجة، وظل في هذا المنصب إلى سنة 1998. مع ملاحظة أن سماحة الشيخ محمد المختار السلامي اضطلع بمهمة تدريس الدراسات القرآنية والفقهية والأصولية في الكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين الى حدود سنة 1986.

وإضافة إلى هذا، كان الشيخ رحمه الله عضوا في مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة، ورئيس الهيئة الشرعية العالمية للزكاة. كما ترأس بين 1989 و1993، المجلس الإسلامي الأعلى في تونس. وعمل كذلك رئيسًا للهيئة الشرعية لبنك البركة في فرعه بتونس. وكان عضو هيئة التوافق الشرعية بالبحرين، وذلك إلى جانب عضويته الحالية في الهيئة الشرعية لمصرف الزيتونة في تونس. لقد اعتنى شيخنا المفضال رحمه الله منذ أمد بعيد بالتأليف والتحقيق والبحث. وكان يجد في ذلك متعة لا تعادلها أية متعة.

فحقق الكتب النفيسة وراجعها وعرّف بأصحابها. فكان من مدرسي الزيتونة القلائل الذين أثروا المكتبة العربية الإسلامية بتآليفهم وتحقيقاتهم القيّمة فجعل الله ذلك في ميزان حسناته يوم القيامة. ومن تآليفه المنشورة نذكر بالخصوص:

ـ رسالة في التعليم الزيتوني ووسائل إصلاحه 

ـ العبادات: الصلاة والزكاة والصوم والحج. 

ـ الأسرة والمجتمع. 

ـ نظام الحكم في الإسلام.

ـ النظام المالي في الاسلام.

ـ الاجتهاد والتجديد.

- الاجتهاد: النص، الواقع، المصلحة.

- آفاق البحث في علم المقاصد.

- البحث في مقاصد الشريعة: نشأته وتطوره ومستقبله.

- حقوق الإنسان محور مقاصد الشريعة.

- مدخل إلى مقاصد الشريعة.

- نظرية التقريب والتغليب وتطبيقاتها في العلوم الإسلامية (رسالة جامعية).

- نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي.

ـ الهداية الإسلامية من خلال الخطب الجمعية (4 أجزاء).

ـ القياس وتطبيقاته الاقتصادية المعاصرة.

ـ تحقيق شرح التلقين للإمام المازري (8 أجزاء).

ـ الفتاوى الشرعية.

ـ نهج البيان في تفسير القرآن (6 أجزاء) وهو آخر مؤلفاته.

وقد صدر في المدة الأخيرة في طبعته الثانية، ليسد ثغرة واسعة في علم التفسير، لأنه يمثل محاولة جادة لتبسيط هذا العلم الشريف وتقريبه من الدارسين بأسلوب بيداغوجي مبتكر.

وله أيضا مشاركات وفتاوى في المعاملات والماليات الإسلامية. وكان رحمه الله قد أهدى عام 2016 مكتبته العامرة إلى المكتبة الجهوية بصفاقس، وتضم 4851 مجلدا إضافة إلى البحوث والمخطوطات...

 

تعليقات

التنقل السريع