القائمة الرئيسية

الصفحات

°° عموم البلوى ...لا يحرم ولا يحلل °°°


من بين تعريفات عموم البلوى :" شمول وقوع الحادثة، مع تعلُّق التكليف بها، بحيث يعسرُ احترازُ المكلفين منها، أو استغناؤهم عن العمل بها؛ إلا بمشقة زائدة تقتضي التيسير والتخفيف، أو يحتاج جميع المكلفين -أو كثير منهم- إلى معرفة حكمها، وهو ما يقتضي كثرة السؤال عنه وإشهاره" ...وقاعدة ( ما تعم به البلوى ) لا تحل حراما ولا تحرم حلالا ...ويقول ابن نجيم في الاشباه والنظائر ص 92 :""ولا اعتبار بالبلوى في موضع النص " ..ومن درس عموم البلوى من المعاصرين انتبه الى شروط فيها منها : عسر الاحتراز وعسر الاستغناء والانتشار والاشتهار والارتباط بالعادة والعرف والتيسير وتغير الاحكام ومرونة الشرع ...ومنها :
- أن يكون عموم البلوى مُتَحَقَّقاً لا مُتَوَهَّماً.
- ألا يعارِض عمومَ البلوى نصٌ شرعي قطعي الدلالة قطعي الثبوت
- أن يكون عموم البلوى من طبيعة الشيء وشأنه وحاله.
- ألا يُقصَد التلبُّس بما تعمُّ به البلوى بقصد الترخص.
- ألا يكون عموم البلوى مما تنجر عنه إقرار معصية أو فاحشة .
- ألا يكون الترخص -في حال عموم البلوى- مقيَّداً بتلك الحال، ويزول بزواله.
وفي التحرير والتنوير لابن عاشور :" ذكر السجلماسي في نظمه في المسائل التي جرى بها عمل القضاة في فاس فقال :
ولا تجرح شاهدا بالغيبه ... لأنها عمت بها المصيبه
وذكر في شرحه : أن القضاة عملوا بكلام الغزالي ...
وأما عموم البلوى فلا يوجب اغتفار ما عمت به إلا عند الضرورة والتعذر كما ذكر ذلك عن أبي محمد بن أبي زيد
وعندي : أن ضابط ذلك أن يكثر في الناس كثرة بحيث يصير غير دال على استخفاف بالوازع الديني فحينئذ يفارقها معنى ضعف الديانة الذي جعله الشافعية جزءا من ماهية الغيبة " التحرير والتنوير _ ج 1 _ سورة الحجرات
ومن الامثلة المتداولة عن القاعدة : طين الطرقات ..وصور الاشهارات على البضائع وركوب الطائرة وفيها مضيفات سافرات ... فصار مما تعم به البلوى .والانترنيت وفيها ما لا يرضى عنه المسلم , ولا يستطيع الاحتراز منه فيغض الطرف عما قد يفرض عليه من مواقع وصور وفكر لأنها مما تعم به البلوى ...هذا نظريا أما تطبيقيا فالمقاهي تغص بالمسلمين وفيهم مصلون يلتحقون بالمقهى بعد صلواتهم او قبلها ليكونوا من اهل الورق واهل الشيشة والدخان واهل المزاح والهزل بما يخلط بين الحق والباطل او ليكونوا من اهل النقاش فيما قد يتضمن احيانا غيبة مشروعة او منهي عنها ...والحكم بالجملة على هؤلاء بالعكوف على محرمات والخروج عن اخلاق الاسلام ليس من الفقه في شيء بل هو تضييق على الناس واقصاء من الدين لمن هو من اهله بالضرورة ...اعمالا لقاعدة عموم البلوى ...فقد اصبحنا نلمس "تفسيقا " واتهاما بالانحراف والفساد " ..وكأن الكل يجب ان يكونوا بتقوى الشيوخ والتزام المتصوفة الزاهدين ...ليس فقيها من يفسق ويدين الالاف المؤلفة من المسلمين ...و يفتنهم بما يزيد من غربتهم ومحنتهم واقصائهم ....ولا تجد أمام حسم المحرمين والمانعين من يضع المسألة ضمن "عموم البلوى " ""التي تندرج تحتها المسائل التي يمكن توصيفها بأنها ذات شمول في وقوعها ويصعب على غالب الناس احترازها أو الاستغناء عنها إلا بمشقة ""...وكان من اسبابها : 1_ ما لا يمكن الاحتراز منه أو ما يشق الانفكاك منه 2_التكرار 3_ الانتشار 4_الكثرة وامتداد زمنه 5_ تفاهة الشيء وتفصيليته ...ولا بد أن يختم أي بحث عن عموم البلوى بالقول :" إن قاعدة عموم البلوى بضوابطها تضيف بعدا آخر في التخفيف على الناس والنظرة إلى أحوالهم برحمة الشريعة الإسلامية حتى وإن كانت ظواهر النصوص قد توحي بشيء آخر"...وعموم البلوى هنا لا ينقل حكما من التحريم الى الاباحة بل يخفف من غلواء الانكار بما لا يستوجب قدحا في العدالة وتجريحا في التديّن والالتزام الديني والخلقي ...
..... عن الشيخ سيدي سامي .....

تعليقات

التنقل السريع