القائمة الرئيسية

الصفحات


( بيان فضله وحكم صومه ) 

الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين والصّلاةُ والسّلامُ على سيِّدِنا محمّدٍ الصّادقِ الأمين وعلى آلِهِ وأصحابِه الطّيبينَ الطاهرين ورضيَ اللهُ عنْ أمّهاتِ المؤمنين والخُلفاءِ الرّاشدين أبي بكرٍ وعمر وعثمانَ وعليّ وعنِ الأئمّةِ المُهْتَدين أبي حنيفةَ ومالِك والشّافعيّ وأحمد وعنْ سائرِ الأولياءِ والصّالحين. 

قالَ اللهُ تعالى في القرآنِ الكريم { ولقدْ أرْسلْنا موسى بآياتِنا أنْ أخرِجْ قوْمَكَ منَ الظُّلُماتِ إلى النّورِ وذكِّرْهُمْ بأيّامِ اللهِ إنَّ في ذلكَ لآياتٍ لِكُلِّ صبّارٍ شكور} 

وقدْ أخرجَ مسلم عنِ النبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم قال (( أفضلُ الصّيامِ بعدَ رمضان شهرُ اللهِ المُحَرّم وأفضلُ الصّلاةِ بعدَ الفريضةِ صلاةُ الليلِ )) هذا الحديثُ صريحٌ في أنَّ أفضلَ ما تُطُوِّعَ بهِ من الصّيامِ بعدَ رمضان صومُ شهرِ اللهِ المُحَرَّم، سيّما عاشوراء وهو يومُ العاشرِ منهُ أي منْ شهرِ المُحَرّم، وهو لهُ فضيلةٌ عظيمةٌ وحُرْمةٌ قديمةٌ. 

وصوْمُهُ لِفَضْلِهِ كانَ مَعروفًا بينَ الأنبياءِ عليهم السّلام، وقدْ صامَهُ سيِّدُنا نوحٌ وسيِّدُنا موسى وسيِّدُنا محمّد زادَهُمُ اللهُ تعالى شرفًا وتَعْظيمًا. 

ففي مُسْنَدِ الإمامِ أحمد مرَّ النبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم بأناسٍ منَ اليهودِ قدْ صاموا يومَ عاشوراء فقالَ ما هذا منَ الصّوم؟ قالوا هذا اليوم الذي نجّى اللهُ موسى وبني إسرائيلَ منَ الغرق وغرَّقَ فيه فرعون وهذا يوم اسْتَوَتْ فيه السّفينةُ على الجُوديّ فصامَ نوحٌ وموسى شكرًا لله، فقالَ النبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم " أنا أحقُّ بمُوسى وأحقُّ بصوْمِ هذا اليوم ". فصامَ صلّى اللهُ عليه وسلّم وأمرَ أصحابَهُ بالصّوم. 

وفي صحيحِ البُخاريّ " هذا يومُ عاشوراء ولمْ يَكْتُب اللهُ عليكمْ صيامَهُ وأنا صائمٌ فمَنْ شآءَ فلْيَصُمْ ومَنْ شآءَ فلْيُفْطِر ". 

وفي صحيحِ مسلم عنْ أبي قَتادةَ الأنصاريّ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: وسُئلَ – أي رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم – عنْ صومِ يومِ عاشوراء فقال " يُكَفِّرُ السّنةَ الماضية " 

وكما يُسَنُّ صيامُ عاشوراء يُسَنُّ أيضًا صيامُ تاسوعاء وهو التاسعُ منْ المُحَرّم لِقوْلِهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم " لَإنْ بَقِيتُ إلى قابِل لَأصومَنَّ التّاسع " رواه مسلم. 

ولكنْ ماتَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قبلَه. بلْ نصَّ الإمامُ الشّافيُّ رضيَ اللهُ عنهُ في كتابِهِ الأمّ وكتابِهِ الإملاء على صومِ التّاسوعاءِ والعاشوراءِ والحادي عشر. 

إخوةَ الإيمان، إنّ العاشرَ منْ المُحَرّم أي يوم عاشوراء مليءٌ بالخيراتِ والفضائل والحوادثِ والعِبرِ والصّبرِ والدّروسِ وهو مشهورٌ عندَ الأواخِرِ والأوائلِ. ففي يومِ عاشوراء تابَ اللهُ تعالى على سيّدِنا ءادم عليه السّلامُ وفي يومِ عاشوراء نجّى اللهُ سيِّدَنا نوحًا عليه السّلام وأنْزَلَهُ منَ السّفينةِ مَحْفوفًا بالنّصر، وفي يومِ عاشوراء أنقذَ اللهُ تعالى سيِّدَنا إبراهيم عليه السّلام منَ النُّمرود، وفي يومِ عاشوراء ردَّ اللهُ سيّدَنا يوسف على سيِّدِنا يعقوب عليهما السّلام، وفيهِ كُشِفُ ضُرُّ سيّدنا أيوب عليه السّلام، وفيه تِيبَ على قومِ يونُس عليه السّلام، وفيه أُخرِجَ سيّدنا يونُس عليه السّلام منْ بطْنِ الحوتِ. 

وفي يومِ عاشوراء أيضًا أظهرَ اللهُ سيِّدَنا موسى عليه السّلامُ على فرعون الطاغية الظالم وفلَقَ اللهُ لسيِّدِنا موسى ولِبَني إسرائيلَ البحر. 

وفي يومِ عاشوراء أعْطى اللهُ المُلكَ لسُليمان عليه السّلام، وفي يومِ عاشوراءِ في يومِ الجُمُعةِ في سنّةِ إحدى وستّين من الهجرة كانت الفاجعةُ التي ألَمَّتْ بالمسلمين بمَقْتَلِ سبْطِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم، بِمَقْتَلِ أبي عبدِ اللهِ الحُسين ابنِ عليّ حفيدِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم ابنِ بنْتِهِ فاطمة رضيَ اللهُ عنهُما، قُتِلَ على أيْدي فئة ظالِمةٍ فماتَ الحُسينُ شهيدًا سعيدًا وهو ابنُ ستٍّ وخمسينَ سنة وهو الذي قالَ فيه جدُّهُ صلّى اللهُ عليه وسلّم وفي أخيهِ " الحسنُ والحُسينُ سيِّدا شبابِ أهلِ الجنّة " رواهُ الترمذي وأحمد والطّبراني. 

وقالَ عليه الصّلاةُ والسّلام " حسينُ منّي وأنا منْ حسيْن " أي محبَّتي لهُ كاملة ومحَبَّتُهُ لي كاملة 



تعليقات

التنقل السريع