القائمة الرئيسية

الصفحات


حقائق عن الزكاة



إيتاء الزكاة ثالث أركان الإسلام الخمسة، وهي مفروضة بلا خلاف ، فرضت بأدلة من الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، فمن القرآن قوله تعالى :" وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ " ، وفي السنة كثيرة هي الأحاديث المتواترة المستفيضة، مثل حديث: بُني الإسلام على خمس وذكر منها: إيتاء الزكاة. واقترنت الزكاة بالصلاة في القرآن في اثنتين وثمانين آية .

وليست الزكاة تشريعا خاصا بالمسلمين بل هي من خصائص الديانات الإبراهيمية . قال الله تعالى ذلك بقوله: (( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ )) وقال عن بني اسرائيل والزكاة : (( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ )) .

وفي المدونة الفقهية ما خلاصته ان الزكاة فريضة شرعية ذات نظام متكامل، يهدف لتحقيق مصالح العباد والبلاد لكبح طغيان الاثراء ، وسد حاجة المحتاجين، وإغناء الفقير. وهي إلزامية، وليست مساهمة خيرية، ولا تعتبر ضريبة، بل تختلف عن الضرائب اختلافا تاما ، يدفعها المزكي، أو من ينوبه للمستحقين، وإذا طلبها السلطان لزم دفعها إليه وان أخرجها بنفسه وطلبها السلطان أعاد إخراجها اليه ، وتصرف في مصارف الزكاة الثمانية على وجه الحصر . ولا تصرف للجمعيات الخيرية، ولا لبناء المساجد او المدارس ، وغير ذلك من الأعمال الخيرية.

ويؤكد الشرع الإسلامي على وجود علاقة بين الزكاة والدولة، مع تغليب جانب ذوي الاستحقاق للزكاة، فيجعل الدولة وكيلا للمستحقين مطالبا لهم بحقهم في الزكاة، متوليا جوانبها التنظيمية لايصال حق لأصحابه . ويدل على هذا حديث معاذ: «فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم، تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم، فإذا أقروا بذلك فخذ منهم، وتوق كرائم أموال الناس». وفي القرآن: ﴿خذ من أموالهم صدقة﴾، أي: خذ يا محمد منهم الصدقة المفروضة عليهم، وتوجيه الخطاب له بصفته ولي أمر المسلمين، وكان يولي العمال على أخذها لتصرف في مصارفها، وفي صحيح مسلم حديث: «عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة..»وبعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن. وبعث المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة إلي كندة والصفد، وولى شهر بن باذان على صنعاء، وبعث زياد بن لبيد إلي حضرموت، وبعث عدي بن حاتم إلي طئ وبني أسد، وولى مالك بن نويرة علي صدقات قومه، وبعث العلاء بن الحضرمي إلي القطيف بالبحرين، وولى أبا موسى الأشعري على زبيد وعدن، ومعاذ ابن جبل على الجند، وكلف غيرهم من الولاة على الصدقات. وبعد وفاة سيدنا أبي بكر الذي قاتل مانعي الزكاة وقد طالبوا ان ترفع الدولة يدها عن زكواتهم ليتولوا اخراجها بأنفسهم فرفض وقال :" لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه " .ثم بويع عمر بن الخطاب بالخلافة، وسار على الطريقة النبوية، وقد كان له خبرة سابقة في تنظيم الزكاة من خلال عمله عليها في العصر النبوي، ومساعدة أبي بكر في تنظيمها، وقد عمل عمر بن الخطاب على توسيع التنظيم الإداري والمالي للدولة، ووضع الدواوين.

ومن اعمال سيدنا عمر : تخصيص بيت مال للزكاة. ثم سار على ذلك الخليفة عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب، الذي خصص كل يوم جمعة لتوزيع المال على ذوي الحاجات، ثم خلفاء الدولة الأموية، ثم الدولة العباسية، والدول الإسلامية المتعاقبة، وكانت هناك تنظيمات للزكاة خلال الدولة العثمانية. وما يقال ان سيدنا عثمان ترك زكاة الناس للناس ليس صحيحا على إطلاقه . إذ فرق بين زكاة الاموال الباطنة كالذهب والفضة وتركها للناس وبين زكاة الاموال الظاهرة كالحرث والماشية فتواصل ارسال سعاة زكاتها الى فترة قريبة قبيل انهيار الخلافة العثمانية .

ومع استمرار الدولة وسعاتها فضل الفقه بجميع مدارسه ان يتولى المزكي اخراج زكاته بنفسه زمن جور السلاطين وفسادهم . وعممت بعض المذاهب هذا الاستحباب . قال في "كشاف القناع" (2/258) : " ويستحب للإنسان تفرقة زكاته وتفرقة فطرته بنفسه ، بشرط أمانته ، وهو أفضل من دفعها إلى إمام عادل ؛ لقوله تعالى : ( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ) وليكون على ثقة من إيصالها إلى مستحقيها ، ولا فرق بين الأموال الظاهرة والباطنة ) " ولم يوافقهم الجمهور .قال ابن عاشور :" فيكون عموم الصدقات في الآية مخصوصا بصدقة التطوع ، ومخصص العموم الإجماع ، وحكى ابن العربي الإجماع عليه ، وإن أريد بالصدقات في الآية غير الزكاة كان المراد بها أخص من الإنفاق المذكور من الآي قبلها وبعدها ، وكان تفضيل الإخفاء مختصا بالصدقات المندوبة ، وقال ابن عباس والحسن : إظهار الزكاة أفضل ، وإخفاء صدقة التطوع أفضل من إظهارها " . وما من شك في جواز أن يخرج الإنسان زكاته بنفسه في فقه الافراد .لكن في باب السياسة الشرعية اذا انتظمت وطلبتها الدولة فيجب ان تعطى لها .

........ منقول .......

تعليقات

التنقل السريع