تابع :
ومن التشبه بالحجاج أيضا في الأضحية التوسعة على الفقراء والمساكين وإدخال السرور عليهم, كما قال تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ) [الحج:27], ولذلك كان تقسيم الأضحية كما قال الإمام أحمد: نحن نذهب إلى حديث عبد الله: يأكل هو الثلث, ويطعم من أراد الثلث, ويتصدق بالثلث على المساكين, وقال الشافعي: أحب ألا يتجاوز بالأكل والادخار الثلث, وأن يهدي الثلث, ويتصدق بالثلث. (تفسير ابن أبي حاتم) ومن هنا قال تعالى: (لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) [الحج:37], ففي الآية دلالة صريحة على أن الأضحية لا تطلب لذاتها, ولكن للتوسعة على الفقير وابتغاء التقوى ومحبة الخير لكل الناس, ويؤكد ذلك ما روي عن عائشة رضي الله عنها: «أنهم ذبحوا شاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما بقي منها؟ قالت: ما بقي منها إلا كتفها. قال: بقي كلها غير كتفها» (الترمذي).
ومن حكم مشروعية الأضحية تحقيق فضيلة التقوى, وذلك بالإذعان والطاعة والانقياد لأمر الله تعالى حيث قال: (لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ) [الحج:37], وتتحقق التقوى كذلك بحسن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هديه وبيانه لشروط الأضحية التي تدور حول سلامتها من العيوب تقوى للمضحي ونفعا للفقير, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء بين عورها, والمريضة بين مرضها, والعرجاء بين ظلعها, أي عرجها, والكسير التي لا تنقي, أي الهزيلة) (سنن أبي داود) ذلك أن الله طيب لا يقبل إلا طيبا, قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ) [البقرة:267], والإنفاق لا يكون إلا من أطيب ما يملكه الإنسان.....(يتبع)
أ.د. #علي_جمعة
تعليقات
إرسال تعليق