القائمة الرئيسية

الصفحات

°°° الشيشة والنفة والدخان ...وعموم البلوى °°°

________________________________________________

كان من الخلاف المذهبي القديم الصراع حول نبات التبغ هل هو نجس تبطل بحمله الصلاة أم ليس نجسا ولا شبهة فيما تعوده الناس من زراعته وتجفيفه و"صحنه" واستنشاقه كسعوط و" نفّة " .
ثم مع دخول " الشيشة" انتقل الخلاف الى حليتها وحرمتها ومازال .ثم انتشرت السجائر والغليون وتصاعد مع تناميها القول بحرمتها الى ان استقر الاتفاق على التحريم في مؤتمرات المجامع الفقهية المختلفة والمتتالية .
واستتبع الاتفاق على تحريمها تغيرات التطبيق في النظرة الى المتعاطي والمصرّ على النفة او الشيشة او التدخين .
اصبحنا نلمس "تفسيقا " واتهاما بالانحراف والفساد "...يتنامى كلما اقترب المستهلك من الحقل الديني اماما او واعظا او مصليا ملتزما ...
ولم يستطع كثيرون الفكاك من اسر العادة والادمان فعانوا بين فكي "كماشة البلوى " واستتباعات التحريم ...
تهجّم كثيرون على امامهم وطالبوا باقالته لانهم "يشيّش" أو "ينف" أو "يتكيّف"...بل ويشتغل في بيعه او توصيله او تنظيم قطاعاته ...
والتأصيل الفقهي لا يساوي بين محرم لذاته نصا ومحرّم لغيره أو لضرره اجماعا فقهيا متأخرا ....في التأثيم والاعتبار ....ولا يساوي بين تحريم مجمع عليه عبر العصور وتحريم مختلف فيه ماضيا وحاضرا مما يسحب البسط تحت المغالين في الانكار ...
والفقيه الاصولي يجد نفسه ايضا بين نارين : فقه المآلات بما لا يشجع على استفحال الظاهرة وامراضها وفقه الواقع بما لا يفسق ويدين الالاف المؤلفة من المسلمين وكأنهم عاكفون على الحرام طيلة حياتهم والى مماتهم !!...ولا يفتن المبتلين بما يزيد من محنتهم واقصائهم ....
ولا تجد أمام حسم المحرمين والمانعين من يتشجع فيضع المسألة ضمن "عموم البلوى " ""التي تندرج تحتها المسائل التي يمكن توصيفها بأنها ذات شمول في وقوعها ويصعب على غالب الناس احترازها أو الاستغناء عنها إلا بمشقة ""...وكان من اسبابها :
1_ ما لا يمكن الاحتراز منه أو ما يشق الانفكاك منه.
2_التكرار
3_ الانتشار
4_الكثرة وامتداد زمنه
5.انعدام النص القرآني أو النبوي الحاسم .
5_ الا يكون من الضرورات او الحاجيات أي ثانوية الشيء وتفصيليته ...
ولا بد أن يختم أي بحث عن عموم البلوى بالقول :" إن قاعدة عموم البلوى بضوابطها تضيف بعدا آخر في التخفيف على الناس والنظرة إلى أحوالهم برحمة الشريعة الإسلامية حتى وإن كانت ظواهر النصوص قد توحي بشيء آخر"...
وعموم البلوى هنا لا ينقل الحكم من التحريم الى الاباحة بل يخفف من غلواء الانكار بما لا يستوجب قدحا في العدالة وتجريحا في التديّن والالتزام الديني والخلقي ...
والله من وراء القصد .


تعليقات

التنقل السريع