القائمة الرئيسية

الصفحات

وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْإِخْبَارِ بِمَا كُتِبَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بَيَانٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَنَّ حُكْمَ الْقِصَاصِ شَرْعٌ سَالِفٌ وَمُرَادٌ لِلَّهِ قَدِيمٌ، لِأَنَّ لِمَعْرِفَةِ تَارِيخِ الشَّرَائِعِ تَبْصِرَةً لِلْمُتَفَقِّهِينَ وَتَطْمِينًا لِنُفُوسِ الْمُخَاطَبِينَ وَإِزَالَةً لِمَا عَسَى أَنْ يَعْتَرِضَ مِنَ الشُّبَهِ فِي أَحْكَامٍ خَفِيَتْ مَصَالِحُهَا، كَمَشْرُوعِيَّةِ الْقِصَاصِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَبْدُو لِلْأَنْظَارِ الْقَاصِرَةِ أَنَّهُ مُدَاوَاةٌ بِمِثْلِ الدَّاءِ الْمُتَدَاوَى مِنْهُ حَتَّى دَعَا ذَلِكَ الِاشْتِبَاهُ بَعْضَ الْأُمَمِ إِلَى إِبْطَالِ حُكْمِ الْقِصَاصِ بِعِلَّةِ أَنَّهُمْ لَا يُعَاقِبُونَ الْمُذْنِبَ بِذَنْبٍ آخَرَ، وَهِيَ غَفْلَةٌ دَقَّ مَسْلَكُهَا عَنِ انْحِصَارِ الِارْتِدَاعِ عَنِ الْقَتْلِ فِي تَحَقُّقِ الْمُجَازَاةِ بِالْقَتْلِ لِأَنَّ النُّفُوسَ جُبِلَتْ عَلَى حُبِّ الْبَقَاءِ وَعَلَى حُبِّ إِرْضَاءِ الْقُوَّةِ الْغَضَبِيَّةِ، فَإِذَا عَلِمَ عِنْدَ الْغَضَبِ أَنَّهُ إِذَا قَتَلَ فَجَزَاؤُهُ الْقَتْلُ ارْتَدَعَ، وَإِذَا طَمِعَ فِي أَنْ يَكُونَ الْجَزَاءُ دُونَ الْقَتْلِ أَقْدَمَ عَلَى إِرْضَاءِ قُوَّتِهِ الْغَضَبِيَّةِ، ثُمَّ عَلَّلَ نَفْسَهُ بِأَنَّ مَا دُونُ الْقِصَاصِ يُمْكِنُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ وَالتَّفَادِي مِنْهُ.


تعليقات

التنقل السريع