القائمة الرئيسية

الصفحات

لو أنّه ارتدى زيّ المحاماة، وظهر به في مشهد مخلّ بالأخلاق الإسلامية والقيم الدّينية والأعراف الاجتماعية..

لو أنّه كان رجلا عسكريا، وظهر بزيه العسكري في مشهد مخلّ بالأخلاق الإسلامية والقيم الدينية والأعراف الاجتماعية...
لو أنّه كان واليا، وظهر بزيّ الولاة في مشهد مخلّ بالأخلاق الإسلامية والقيم الدينية والأعراف الاجتماعية...وهكذا غيرهم من أصحاب الأزياء الخاصّة المحترمة عرفا.
فماذا كان يحدث من المنتمين لهذه الأسلاك؟ لا شكّ أنّهم يسارعون لعقد الاجتماعات واتّخاذ الإجراءات اللاّزمة..ولهاج وماج رجال الإعلام للتنديد...
لا لشيء إلاّ احتراما لهذه الأزياء..
أمّا شعار العلم الشرعي، العمامة البيضاء، شعار علماء الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، الّذين كرّسوا حياتهم، وأقلامهم، وأفنوا أعمارهم ليدوّنوا على صفحات التاريخ مدّونات التفسير للقرآن الكريم، وشروح السنّة المطهرة، وفقه الشريعة، وقيم التربية والتزكية النفسية....الّذين لم تنحن في غالبيتهم هاماتهم المتشّحة بالعمامة للدنيا وسفسافها... الّذين في غالبيتهم أعطوا دروسا للتاريخ في الالتزام بالقيم والفضائل والتمسّك بتعاليم الإسلام...
فيقوم أحدهم فيمرّغ هاته العمامة في الوحل، ويلوّثها ...
ولا أحد من الّذين يلبسون العمائم الآن رفع صوته مندّدا...
لعلّي أفهم الآن من شيخنا محمّد الأخوة رحمه الله تعالى أنه أدرك في فترة ما أنّ هذه العمامة بعد رحيل رجال الزيتونة، وغلق معهدهم، لن تجد من يذود عنها، ويحمي شرفها، فقال لنا في درس من دروسه في شرح صحيح البخاري بجامع الزيتونة: أنّ (هذه العمامة لا يجوز الآن لأحد أن يلبسها ومن يلبسها الآن يستحقّ أن يجلد ثمانين جلدة) وذلك في سياق حديثه عن تغرير الناس بلباس يوهمهم أنّه عالم بعلوم الشريعة؛ لأن العمامة شعار الكفاءة في العلم الشرعي، لا للدروشة ولا للوجاهة الاجتماعية.
يجب أن يقال الآن: إنّ هذه العمامة ملك للأمّة، ليست لباسا شخصيا يلبسه صاحبه متى شاء ويحضر به المكان الّذي يشاء، وليس من حقّ أحد أن يعبث بها ولا أن يجلس بها في مواطن الشبهات، فكيف بأماكن حيث العري، واللهو، وارتكاب المنكرات، ولو كان ذلك في حفلات عائلية. وقد كان العرب وهم من هم في التفاخر بالعمائم، وقد قالوا (العمائم تيجان العرب)، لكنّهم مع ذلك إذا أراد أحدهم أن يمارس التهتك كان ينزع عمامته احتراما لها.
إنّ أخصّ واجب لمن أراد أن يتزّيا بهذا الشعار، شعار علماء الزيتونة، أن يقوم بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر طيلة حياته، فكيف إذا كان المنكر أمام عينيه.
إنّ أبسط واجب على كلّ مسلم لا يحمل من العلم شيئا، إذا كان بمكان ترتكب فيه معصية أن ينكره بقلبه فيقول اللهمّ إنّ هذا منكر وأنا لا أرضى به، ثم يغادر المكان فورا.
ومن أراد أن يعيش حياته كما يشاء دون ضوابط الشرع والأخلاق، فلينزع العمامة.
وأختم بما كان يردّده شيخنا محمّد الأخوة رحمه الله تعالى: (نعوذ بالله من الخذلان).
الحبيب بن طاهر
جامع الزيتونة pinterest


تعليقات

التنقل السريع