القائمة الرئيسية

الصفحات

حكم أخذ الأجرة على صلاة التراويح



جاءني هذا السؤال من أحد المشايخ الأفاضل، ممن توسموا فينا أننا أهل للنصح والإرشاد، ولعلهم أرفع منا علما وحلما.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سيدي.
======نص السؤال :
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن تكون بخير وعافية وراحة بال.
مع اقتراب رمضان سيتكرر سؤال من طرف أئمة التراويح..
السنة الماضية اتصل بي أحد رجال الأعمال من أجل إمام للتراويح في مسجد بناه هو، فتواصلت له مع أحد حملة كتاب الله ومن القراء المتقنين حفظا وأداء، وكنت أتواصل معه في رمضان فأجد أنه يمرّ بظروف ليست طيبة( التأخر في الإفطار، السحور بارد....) وحينما سألت عن رجل الأعمال وجدته في فرنسا!!
هذه عينة فقط سيدي، وإلا فإن الكثير من أئمة التراويح لا يكرمون، ومنهم من يقضي شهرا بعيدا عن والديه وأهله وأولاده ثم يعطى له دراهم معدودة ويكونون فيه من الزاهدين بالرغم من أنه أمتعهم بكلام الله طيلة شهر كامل!!!
يتبادر إلى ذهني سؤال شيخنا؛ مع فساد طباع الناس، وعدم إعطائهم القرآن وأهله قدره؛ هل يجوز لإمام التراويح أن يشارطهم، أو يمسك إكراميته مسبقا؟
أعرف الكثير من حملة كتاب الله هم من الغارمين، ومنهم من له أولاد يعولهم تجده يفكر في التوقف عن الإمامة في رمضان والتوجه للعمل عند بائعي الزلابية أو الخضر لعله يكفي أهله وعياله.
=====نص الجواب :
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
القرآن لا يقدر بثمن، لأنه كلام الله، وخير ما ينفق فيه المال هو كلام الله.
والأصل فى ذلك كله:
1_ ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرُّوا بِمَاءٍ، فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَاءِ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ، إِنَّ فِي المَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا أَوْ سَلِيمًا، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى شَاءٍ، فَبَرَأَ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللهِ أَجْرًا، حَتَّى قَدِمُوا المَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللهِ أَجْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : " إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ".[ رواه البخاري]
2_ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله" رواه البخاري.
3- عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "زوجتكها بما معك من القرآن" متفق عليه.
فجعل القرآن مقابل العوض.
ولا شك أن كثيرا من أبنائنا ممن تفرغوا لحفظ القرآن وإتقانه، فاتهم من الوظائف العامة الرسمية ما فاتهم.
فكانوا الأولى بإكرامهم ومعرفة ما يحملونه في صدورهم، فالاكرام ليس لذواتهم وإنما لكلام ربنا، الذي لا يقدر بثمن.
======فأقول وبالله التوفيق :
#أولا : أخذ الأجرة على القرآن جائزة عند جمهور الفقهاء.
#ثانيا: من كان إماما موظفا لا يجوز له أن يشترط، لأنه يمارس و ظيفته وهي من صميم عمله.
#ثالثا: إذا أكرم الامام الرسمي من طرف المحسنين فله ذلك وهو أحق بها، وله في ذلك سلف من أثر سيدنا عبد الله بن عمر :" إذا جاءني مال من غير إشراف نفس قبلته".
#رابعا: المتطوع للصلاة، وهو من الحفاظ المتقنين يحق له أن يشترط عليهم مبلغا من المال للصلاة بهم سواء كان هذا المبلغ مقدما أو مؤخرا الى نهاية التراويح.
ولا حرج في ذلك، وهذا من باب الجعل، أو الإيجار. كم يجوز لهم إعطاؤه أكثر مما طلب إن كان لهم في ذلك سعة.
======قصة وعبرة :
روى أهل التاريخ والسير أن الحافظ المحدث أبو نعيم الفضيل بن دكين، كان يأخذ الأجرة، مقابل تلقينه الحديث لمن يطلبه، فقيل له فيه!
فقال لهم : ومن لهؤلاء الصبية؟
لأنه كان يقطع المدن والبلدان للحصول على كلام رسول الله وفي ذلك من هجران البيت ونفقة السفر ما فيه، ولم تكن له حرفة يقتات منها. فكان مضطرا لان يأخذ أجرة مقابل التلقين.
====٪===ملاحظة:
لا تظن أن الامام الرسمي راتبه يكفيه لعول عياله واستقبال ضيوفه، فحاله ليس كحال عامة الناس، فهو مقصود للفتوى، والنصح والإرشاد، وفك النازاعات، في بيته، فمن اين له لمجابهة كل هذه المواقف، إن لم يكن صاحب المال والجاه معه واقف.
فأحسنوا الظن بأئمتكم واعرفوا لهم قدرهم، والتعميم آفة...
قال تعالى :" يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" (273) البقرة.
والله من وراء القصد و هو الهادي الى سواء السبيل.
ولله الامر من قبل ومن بعد.
=======هذا والله اعلم.
رمضان مبارك على جميع الأمة الاسلامية
رمضان كريم للجميع
لا تنسونا من صالح الدعاء
صلاة التراويح رمضان
رمضان كريم


تعليقات

التنقل السريع