القائمة الرئيسية

الصفحات

 إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ 


ننعي للعالم الإسلام وفات الفقيهة العالمة العاملة سر أبيها العلامة الفقيه الصوفي المدرس بالجامع الأعظم سيدي أحمد شلبي طيب ثراه ( حيث سمعت من الأكابر أنه مجاب الدعوة و أجمع عماء الزيتونة في عصره على ولايته )


السيدة هند شلبي رحمها الله 


تنتمي د.هند شلبي لأسرة زيتونية فوالدها الشيخ أحمد شلبي أحد مدرسي الزيتونة في منتصف القرن، حفظت القرآن الكريم في سن مبكر على يد الشيخ محمد الدلاعي برواية قالون عن نافع، ونالت حظا من التعليم المدني الحديث قبيل التحاقها بجامعة الزيتونة في مرحلة ما بعد الاستقلال ودرست على يد الأشياخ محمد الفاضل بن عاشور وعلي الشابي ومحمد الحبيب بن خوجه حتى حصلت على الإجازة في أصول الدين عام 1968، وواصلت دراستها حتى نالت درجة الدكتوراة الثالثة من كلية أصول الدين عام 1981 وتعينت بالجامعة كأستاذ لعلوم القرآن إلى أن تقاعدت.

عاصرت في شبابها فترة حكم الرئيس بورقيبة الذي عرف عنه ميله إلى تجفيف منابع الثقافة الإسلامية واقتباس القوانين والنظم الغربية، وقد حدث في عام 1975 أن اختيرت بمناسبة السنة الدولية للمرأة أن تتحدث كمحاضر في ندوة عن مكانة المرأة في الإسلام بحضور الرئيس بورقيبة وبدلا من أن تكيل المديح للرئيس انتقدت السياسات المتعلقة بالمرأة التي تضاد الشرع وأبت مصافحة الرئيس في ختام كلمتها كما تقضي التقاليد المتبعة.

تعرضت هند شلبي للمضايقات حين صدر منشور 108 الذي يقضي بمنع النساء من ارتداء الزي الشرعي باعتبار أنه يحمل دلالات سياسية فأكرهت بذلك على خلع الخمار لكنها استعاضت عنه بارتداء السفساري وظلت تمارس عملها، اضطرت منذ مطلع التسعينيات إلى الاحتجاب القسري لأسباب غير معلومة.

أصدرت د.هند شلبي خمس مؤلفات تراوحت بين التأليف والتحقيق في الفترة ما بين (1979-1990) وأول مؤلفاتها هو تحقيق كتاب “التصاريف: تفسير القرآن مما اشتبهت أسماؤه وتصرفت معانيه” ليحيى بن سلام، الصادر عام 1979 أي قبيل أن تنجز رسالتها للدكتوراه، والكتاب كما ذكرت محققته يعد من الكتابات الأولى في الأشباه والنظائر وهو ” أقدم تفسير تناول القرآن كاملا بالشرح، إذ هو من القرن الثاني للهجرة، ويعتبر تفسيرا بالمنقول في عمومه” وكان التحقيق على قدر التفسير فقد جاء في قرابة تسعون صفحة شرحت خلالها ماهية علم الوجوه والنظائر، وتوسعت في ذلك لاختصار المحققون فيه، ثم تتبعت حركة التأليف والكتابة فيه منذ القرن الثاني وحتى العاشر الهجري وذلك بالترجمة لجميع من كتب فيه وذكرت مؤلفاتهم في ذلك.

أما عملها الثاني فهو “القراءات بأفريقية منذ الفتح إلى منتصف القرن الخامس” والكتاب في أصله رسالتها للدكتوراه التي أرخت فيها لإسهام بلدها تونس في علم القراءات في القرون الخمس الأولى، وهي تعلل توجهها لدراسة هذا الموضوع رغم مشقته وندرة مصادره إلى أن “الناظر في ميدان القرآن وعلومه بأفريقية يلاحظ أن الدراسات المتعلقة بالتأريخ تكاد تكون منعدمة إلا من دراسات جزئية تتناول الحديث عن شخصية بارزة أو تأليف مرموق..

ويعد تحقيقها لكتاب “تفسير يحيى بن سلام” أشهر مؤلفاتها العلمية وليس هذا بغريب فهو يشكل حلقة وصل بين تفسير الطبري وبين التفاسير السابقة عليه كتفسير مجاهد وبنشر هذا التفسير الذي عثرت على بعض أجزاء منه تكون هند شلبي قد سدت الثغرة في تاريخ التفسير خلال هذه القرون الأولى، أما آخر تحقيقاتها فهو “عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل” لأبي العباس أحمد بن البناء المراكشي وهو في تفصيل قواعد رسم المصحف.

وبالإضافة إلى هذه المؤلفات ذات الطابع التاريخي فإن لها كتابا آخر حظي بشهرة واسعة وهو “التفسير العلمي للقرآن الكريم بين النظريات والتطبيق” وعلى كثرة البحوث والدراسات في التفسير العلمي فإن هذا الكتاب يعد من أجود الدراسات – على وجازته – في هذا الموضوع إذ حرصت فيه على بيان آراء العلماء ومواقفهم وحججهم من هذا التفسير والاحتكام إلى القرآن الكريم وعلومه في التعامل مع التفسير العلمي من خلال دراسة تطبيقية لبعض مسائله...

رحم الله الزيتونية الصادقة النقية وجمعنا بها في جنة النعيم


الدكتورة هند احمد شلبي


تعليقات

التنقل السريع