القائمة الرئيسية

الصفحات

وكتب علي كرم اللّه وجهه إلى سليمان الفارسي رضي اللّه تعالى عنه

 

مثل الدنيا كمثل الحية ليّن لمسها ، قاتل سمها ، فأعرض عن كل ما يعجبك فيها لقلة ما يصحبك منها ، ودع عنك همومها لما تيقنت من فراقها ، وكن أسر ما تكون فيها أحزن ما تكون منها ، فإن صاحب الدنيا كلما اطمأن إلى سرورها أشخص إلى مكروهها ...


قال بعضهم : إنما مثل الدنيا كالبحر الهائل المحيط ، والآخرة من وراء ذلك البحر ، ولا ينكشف الحجاب عن عين القلب بالنظر إلى الدار الآخرة إلا بعد الجواز على ذلك البحر في سفن الصبر والرضا ، لأنه بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض ، يغشاه موج الشهوات ، من فوقه موج الغفلات ، من فوقه سحاب الكائنات . 


وأيضا لو بسطت لك الدنيا لكرهت لقاء اللّه ، فيكره اللّه لقاءك ، ولو بسطت لك العوافي والنعم لركنت الروح إلى هذا العالم ، فتبقى دائما في عالم الأشباح ، والمقصود منك هو الرحيل إلى عالم الأرواح ، فضيق الحق تعالى عليك هذا العالم السفلي لترحل منه بهمتك إلى العالم العلوي ، فهو منه سبحانه إنعام وإحسان ، لكنها في قالب الامتحان ، فلا يذوقها إلا أولو البصائر الحسان .


#إيقاظ_الهمم


علي ابن ابي طالب


تعليقات

التنقل السريع