القائمة الرئيسية

الصفحات

 

كل من يتكلم اليوم في تونس باسم جامع الزيتونة والمنهج الزيتوني فهو من باب الانتساب المعنوي والعاطفي، لا العلمي الفعلي لظهور أن التعليم الزيتوني توقف منذ نحو سبعين سنة، علاوة على أن آخر الأجيال انتسابا له علميا حضوريا ممن هم أحياء الآن حفظهم الله أدركوا مرحلة الضعف الشديد التي سبقت الإيقاف ولم يصلوا غالبا لشهادة العالمية بل إلى التحصيل.


لذلك من الأمانة والنزاهة والورع أن لا يتكلم أحد اليوم باسم جامع الزيتونة وتعليمه ومنهجيته في الفقه والعقيدة والتصوف والسياسة الشرعية وغير ذلك إلا باحتياط شديد حتى لا يشوه ولا يحرف ولا تبدل معالم ذلك المعلم العلمي العريق.


وحتى نقرب هذا القول للواقع ففي مرحلة الضعف للتعليم الزيتوني التي سبقت إيقافه كانت الدراسة المتوزعة على ثلاث مراحل تدوم تسع سنوات وتدرس فيها عشرات المواد بشكل يومي والكتب المقررة هي غالبا من المتون والشروح الأصلية للمواد المدروسة والمطلوب دراستها لفظا لفظا ومعنى معنى.. مع إدارة دقيقة في إجراء الاختبارات والمناظرات بحيث لا يتخرج عالما إلا من شهد له العلماء بذلك مع تشدد أحيانا في ذلك كما حصل للشيخ الخضر حسين وقد قرأت من المذكرات الخاصة للشيخ صالح المالقي من آخر شيوخ جامع الزيتونة كيف لقي الشيخ خضر حسين الكثير من الصعوبات قبل تخرجه ثم صار بعد ذلك من شيوخ الأزهر الشريف.


وأما اليوم وحتى منذ رجوع التعليم الزيتوني سنة 2012م في تلك التجربة التي انهارت فيما بعد فقد تبين شبه استحالة استعادة التعليم الزيتوني بذلك النسق أو حتى مداناته لأسباب موضوعية كثيرة منها قلة أو عدم وجود المشايخ القادرين على تدريس العلوم الزيتونية خصوصا بمختلف مراتبها وصولا إلى العالمية وأيضا قلة استعداد المنتسبين للتفرغ الكلي لدراسة تلك العلوم وأيضا هنالك تلك الهوة السحيقة بين نظرة المملكة أو الإيالة التونسية للتعليم الزيتوني قديما زمن وجود الخطط الشرعية من القضاء والإفتاء.. وبين نظرة الجمهورية له التي تصل إلى حد التضاد مع التي قبلها.


ولذا ما زلت أقول بأن محاولات رجوع التعليم الزيتوني يجب أن تصون الشهادات العلمية وهي الأهلية والتحصيل والعالمية عن العبث والتحريف وأن لا تغلب العاطفة على الحق، وهذا إذا نجحت في صيانة المنهج عن التحريف.


وبقيت أسئلة مهمة يجب حسن الإجابة عنها وهي: ما ثمرة إحياء المنهج الزيتوني في نفوس التونسيين؟ وما أثر ذلك على الفرد والأسرة والمجتمع؟ وما علاقته بقوانين البلاد التونسية؟ وما أثره في سياسة البلاد؟

جامع الزيتونة



تعليقات

التنقل السريع