القائمة الرئيسية

الصفحات

حذار من الإساءة لمقام النبّي الأكرم ﷺ

 بسم الله الرحمن الرحيم


حذار من الإساءة

لمقام النبّي الأكرم ﷺ بالاحتفالات الزائفة رسميا أو شعبيا


لا بدّ من كلمة يجب أن يعلنها كلّ غيور عن مقام نبينا محمّد ﷺ تتعلق بالمظاهر المنحرفة بدعوى الاحتفال بذكرى مولده، كما يحدث في بعض المدن من الرّقص المختلط إناثا وذكورا في السّاحات، وضرب المزامير بأغاني يسمّونها الفولكلور الشعبي في خرجة المولد كما تنقله صفحات التواصل الاجتماعي، ما لا علاقة له بمبادئ الإسلام ولا بسيرة سيد الأنام، بل هي تعظم وتمجّد الموتى من العلماء والصالحين، وهؤلاء العلماء والصالحون برآء من ذلك ومما يقال فيهم، وكما ظهر في تونس هذه السنة والتي قبلها من تسيير فِرَقٍ تجول المدينة العتيقة في محيط جامع الزيتونة برايات تصاحبها أصوات الطبول والمزامير الصاخبة.

وكل هذا يقع باسم الاحتفاء بذكرى المولد. 

وأمام ما صرّح به وزير السّياحة من أنّ مهرجان المولد النبوي بالقيروان سيكون بداية من السنة القادمة مهرجانا دوليا.

فيجدر التنبيه والنّصيحة لله ورسوله والمسلمين أنّ مقام نبينا محمّد ﷺ أعظم من أن يقع في الاحتفال بذكرى من ذكرياته ما يخلّ بتعاليمه وآداب شريعته، فلا يكون بالرقص، والعري، والخزعبلات، والدروشة، وانتهاك المحرمات.


فلا يمتري اثنان في أنّ علماء الإسلام حين استحسنوا إحياء ذكرى ميلاد سيدنا محمّد ﷺ كلّ سنة، وجعلوه عادة طيبة متّبعة، كانوا يقصدون أن تكون هذه الذكرى مناسبة لتذكير عموم المسلمين ـ مهما كانت مراتبهم الاجتماعية ـ بمقاصد بعثته ﷺ، وإحياء مشاعر الحبّ والتوقير والتعظيم له، والتعبير عن الولاء له دون سواه، وعن نصرته على شانئيه، والدفاع عنه ممّن يقصد الإساءة إلى مقامه والاستنقاص من شريعته، وإن كان هذا من الواجب اليومي للعلماء والباحثين الغيورين على ذات النّبي الأكرم ﷺ، لكن إعطاء ذلك زخما كبيرا، ودفعا زائدا على الواجب اليومي، في ذكرى ميلاده ﷺ، فذلك لتشريك عموم المسلمين في هذه المسؤولية، ورفع درجة ولائهم لرسولهم، وتعميق حبّهم له، وشوقهم إلى صحبته يوم القيامة، وتوجيه اهتمامهم إلى المساهمة في الدفاع عن شخصه الكريم وعن سنّته وشريعته.

    فجرى العمل على إحياء هذه الذكرى بنشر شمائله، وتلاوة القرآن الكريم، وقراءة كتب الحديث الشريف، ونظم القصائد في مدحه، وعقد المسابقات في ذلك بين الأطفال والشباب، وعقد الندوات العلمية والمحاضرات الدينية لإبراز جوانب شخصيته ﷺ القيادية، والتشريعية والعسكرية، والأسرية، والإصلاحية، والدعوية، والإكثار من الصدقة، وإدخال الفرح على الأهل والأقارب.. ونحو ذلك؛ لتكون هذه المناسبة تجديدا للعهد، وتوثيقا للانتساب لهذا النّبي الأكرم ﷺ. 


ونقول للمسؤولين إنّ المهرجانات الفولكلورية والحفلات الراقصة والصاخبة لا صلة لها بذكرى المولد، بل ولا يليق بالمسلمين أن يقيموها متزامنة مع هذه المناسبة، أو مع غيرها من المناسبات الدينية، فإنّ أقلّ الأحوال الابتعاد عن هذه المناسبات، وتجنيبها فعل المنكرات، أم أنّه يراد أن يتطوّر الاحتفال بذكرى المولد الشريف ببلادنا كاحتفال النّصارى بأعياد الميلاد عندهم بالخمور والنّساء والرقص؟.


إنّ هذا يلقي مسؤولية كبيرة على السادة أئمّة الخطابة وكلّ صاحب قلم صادق في توجيه النّاس ـ ساسة وشعبا ـ إلى الفرق بين الاحتفال الشرعي والاحتفال المنافي للشرع، وتحذيرهم من أنّ مثل هذه الاحتفالات هي إساءة للرسول الكريم، واستخفافا بقدره وبرسالته التي بعث بها، وبيان ذلك من خلال الخطب والدروس، والاتصال بالسلط المعنية وكذلك بالسّادة أصحاب الفرق الفولكلورية لبيان الأمر لهم بكلّ لطف؛ أنّ من حقّ سيّدنا محمّد ﷺ علينا جميعا ـ حكّاما ومحكومين ـ تعظيم أمره وتوقيره وبرّه، وإنّ من أموره ذكرياته وأيّامه التي تذكّر البشرية به. والله أعلم.


وأنا أدعو كلّ غيور: أن تعالوا نضع احتفالا، سنويا، وطنيا أو عالميا، يليق برسول الإسلام الذي بعثه الله تعالى رحمة للعالمين، وليخرجهم من الظلمات إلى النّور، يتضمّن برنامجا شاملا ـ علميا، وأدبيا، واجتماعيا، بعيدا عن الخرافة والشعوذة، ويكون مناسبة لإعلاء شأن رسولنا ﷺ، وتعبيرا حقيقيا لحبّنا له.     

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه.


الحبيب بن طاهر

تونس في: 22/10/2021 م 

 16 ربيع الأنور 1443 هـ


جامع الزيتونة المعمور


تعليقات

التنقل السريع