القائمة الرئيسية

الصفحات

الله تعالى موجود بلا مكان

"الحَدِيثُ الذِي رَواهُ التّرْمذِيُّ(33) وهُوَ "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُم الرحمٰن ارْحَمُوا مَنْ في الأرْضِ يَرْحَمْكُم منْ في السَّمَاءِ"، وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى(34) "يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ"، فَهَذِهِ الرّوَايَةُ تُفَسّرُ الرّوايَةَ الأُوْلَى لأنَّ خَير مَا يُفسَّرُ بهِ الحَدِيْثُ الوارِدُ بالواردِ كَما قَالَ الحَافِظُ العِراقيُّ في ألفِيَّتِهِ: وخيرُ ما فسّرتَه بالواردِ.


ثمّ المرادُ بأهْلِ السَّماءِ المَلائِكةُ، ذَكَرَ ذلكَ الحَافِظُ العِراقيُّ في أمَالِيّه عَقِيبَ هَذَا الحدِيثِ ونص عبارته(35) : وَاسْتدلَّ بقَوْلِه "أَهْلُ السَّمَاءِ" عَلَى أنَّ المُرَادَ بِقَوله تعالى في الآية: ﴿ءأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء (16)﴾ الملائِكَةُ" اهـ، لأنه لا يقال لله "أَهْلُ السَّمَاءِ". و"مَنْ" تَصلُح للمُفرَد وللجَمْع فلا حجّةَ لهم في الآية، ويقال مثلُ ذلك في الآيةِ التي تَليْها وهي: ﴿أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا (17)﴾ [سورة الملك] فـ "مَن" في هذه الآيةِ أيضًا أهلُ السماءِ، فإن الله يسلطُ على الكفارِ الملائكة إذا أرادَ أن يُحِل عليهم عقوبَتَه في الدنيا كما أنهم في الآخرةِ هم الموكلونَ بتسليطِ العقوبةِ على الكفارِ لأنهم خزنَةُ جهنم وهم يَجرُّونَ عنُقًا من جهنمَ إلى الموقفِ ليرتاعَ الكفارُ برؤيتهِ. وتلكَ الروايةُ التي أوردَها الحافظُ العراقيُّ في أماليّه هكذا لفظُها: "الراحمونَ يرحمهُم الرحيمُ ارحموا أهلَ الأرضِ يرحَمْكُم أهلُ السماءِ".
ثُمّ لَو كَانَ الله سَاكِنَ السَّمَاءِ كَما يَزْعمُ البَعْضُ لَكانَ الله يُزَاحِمُ الملائِكةَ وهَذا مُحالٌ، فَقَد ثَبَتَ حَديثُ(36) أنّه "ما في السمٰوات مَوْضِعُ أَرْبَعِ أصَابِعَ" وفي لفظ(37) "شبر" "إِلا وفِيهِ مَلَكٌ قَائِمٌ أوْ رَاكِعٌ أو سَاجِدٌ".
33 ) أخرجه الترمذي في سننه: كتاب البر والصلة عن رسول الله: باب ما جاء في رحمة الناس. وقال "هذا حديث حسن صحيح".
34 ) رواه أحمد في مسنده (2/160).
35 ) انظر المجلس السادس والثمانين من أمالي العراقي (ص/77).
36 ) أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الزهد: باب في قول النبي لو تعلمون ما أعلم. وقال هذا حديث حسن غريب.
37 ) رواه البزار في مسنده (8/177)".







تعليقات

التنقل السريع