القائمة الرئيسية

الصفحات

*** نصاب زكاة المال : ذهب أم فضة ***

________________________________________________

تجب الزكاة في المال إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول اي سنة هجرية قمرية ... ونصاب الذهب عشرون دينارا نبويا، وزكاة ذلك ربع العشر.
والدينار النبوي يساوي : 4,25 غراماً. وعشرون ديناراً تساوي 85 غراماً، فإذا ملك المسلم هذا المقدار من الذهب (أي 85 غراما من الذهب أو ما يعادله من النقود والأموال) وجبت عليه الزكاة، وهي ربع العشر، أي 2.5 في المائة.

ولا يحسب الذَّهب غير الخالص بل يسقط من وزنه مقدار ما يخالطه من غير الذَّهب وتطرح تلك المواد المخلوطة ومعرفة وزن الذهب الخالص تقاس عالميا بالعيار 24..
فإذا كان الغرام الواحد يساوي 140 دينارا، وزكاة نصاب الذهب 85 غرام..وما يعادلها من القيمة المالية ..فسنقوم بعملية حسابية بضرب 140 د في 85 ما سيساوي لنا : 11900 د ..أي أحد عشر مليونا وتسعمائة دينار.. وكل من امتلك هذا المبلغ مع مرور الحول فعليه تجب الزكاة..وعليه اخراج ربع العشر.اي يخرج منها 2.5 في المائة، ويجب الرجوع إلى دار الافتاء والمجالس العلمية دوما، ﻷن ثمن الذهب يزيد وينقص في اﻷسواق .

أما الفضة فنصاب الفضة مائتا درهم بإجماع الأمة وهي خمسة أواق والأوقية الواحدة أربعون درهماً والدرهم بين 2.975 و 3.12 ...ووزن مائتي درهم بين ( 595 _ 624 ) غراماً وسعر الغرام من الفضة اقل بكثير من الذهب ...وبالتالي يوجد فرق كبير بين النصاب محسوبال بالفضة والنصاب محسوبا بالذهب ...واقترح بعض الفقهاء الجمع بينهما والقسمة لضمان وصول المال من الاغنياء الى الفقراء واقترح غيرهم الاقتصار على الفضة لعدم استقرار اسعار الذهب ...
ويصدر مفتي البلاد بلاغا عن نصاب زكاة المال لكل سنة هجرية .ولو ان المعتمد في الحساب كان الفضة وسعر الغرام الواحد من اجودها دينار وسبعمائة مليم ونصابها هو ستمائة وخمسة وعشرون غراما لكان نصاب زكاة المال لهذه السنة قرابة مليون وسبعين دينارا (1062 د ) والفارق بين النصابين يزيد عن عشرة آلاف دينار .
والقاعدة ان يرجح الاصلح للفقير والانفع للناس لان اعتماد الفضة يمكن اكثر الناس من اداء عبادة بما فيها من اجر وتعاون .ولا شك ان من يملك اليوم ألف دينار زائدة عن احتياجاته مدخرة في رصيدة عاما كاملا يعتبر ميسورا مقارنة بكثرة تعيشها يومابيوم وشهرا بشهر ... ومن الاجتهادات الفقهية اعتماد متوسط جامع بين الذهب والفضة فيكون النصاب لهذه السنة مثلا ستة آلاف وخمسمأئة دينار (6500د ) ...
أما التأصيل الشرعي فيقول فيه الشيخ عبدالله بنطاهر :" جاء في الحديث الشريف: «إن الحلال بينٌ وإن الحرام بينٌ وبينهما مشتبهاتٌ لا يعلمهن كثيرٌ من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه...».
ثم كذلك القاعدة: "من شك في ركن بنى على اليقين"،
واليقين الذي لا شك فيه هنا هو الأخذ بالأقل...
ثم إن المسلم يجب عليه أن يذعن للنص الذي يتناول حالته وهو هنا الأقل ثمنا؛ فمن اعتبر النصاب بالذهب فقد عطل النصوص الصحيحة الواردة في الفضة وهي الأصح من نصوص الذهب كما سنرى، وهي كذلك اليوم الأقل ثمنا...
وهذا ما رجحه الفقيه سيدي اليزيد الراضي رئيس المجلس العلمي بتارودانت؛ جاء في كتابه "زكاة رواتب الموظفين وكسب أصحاب المهن الحرة" (ص:13) ما يلي:
"ذهب أكثرية الباحثين المعاصرين إلى تقدير نصاب الزكاة في النقود المتداولة اعتمادا على الفضة . وهذا الرأي يبدو لي أرجح من غيره لما يلي:
لأن النصوص الشرعية التي تحدد نصاب الفضة بخمس أواق أو مائتي درهم، أكثر وأصح، أما النصوص التي تحدد نصاب الذهب بعشرين مثقالا أو عشرين دينارا فهي قليلة، وفوق قلتها لم تسلم أسانيدها من مقال.
قال ابن عبد البر: "لم يثبت عن النبيﷺ في الذهب شيء من جهة نقل الآحاد الثقات"(1). وقال النووي: "ولم يأت في الصحيح بيان نصاب الذهب وقد جاء فيه أحاديث بتحديد نصابه بعشرين مثقالا وهي ضعاف"(2). وقال ابن تيمية متحدثا عن ترتيب مالك لأحاديث الزكاة في الموطأ: "افتتح مالك −رحمه الله− كتاب الزكاة في موطئه بذكر حديث أبى سعيد لأنه أصح ما روى في الباب، وكذلك فعل مسلم في صحيحه، وفيه ذكر نصاب الورق، ونصاب الإبل، ونصاب الحب والثمر، ثم الماشية والعين...، ثم ذكر نصاب الذهب، والحجة فيه أضعف من الورق، فلهذا أخره"(3).
ولا شك أن ما سلمت أسانيده من مقال، وبلغ أعلى درجات الصحة، يقدم -عند التعارض والترجيح- على ما لم تسلم أسانيده.
ولأن التقويم بالفضة يمكن المزكي من الاحتياط لدينه، لأن من ملك مائتي درهم شرعية -أو ما يعادلها من النقود- اعتبره الشرع غنيا وأوجب عليه الزكاة، وإذا أعفيناه نحن من الزكاة بدعوى أنه لم يبلغ النصاب على أساس قيمة الذهب، نتناقض مع النصوص الصحيحة الصريحة التي حددت نصاب الفضة، ونجازف ونغامر ونلعب بالنار". انتهى كلام الشيخ ذ. اليزيد الراضي حفظه الله.
وبهذا أفتي العلامة الفقيه محمد التاويل رحمه الله فقال: "لابد من تقويم الأوراق النقدية المتعامل بها لمعرفة النصاب فيها وهو ما اجمع عليه القائلون بزكاتها إلا أنهم اختلفوا فيما تقوم به هل تقوم بالذهب أو بالفضة او بغيرها؟
الاتجاه الأول وهو الحق والصواب أن تقوم بالفضة وهو وزن 624 غرام على الخلاف في مقدار الدرهم هل هو وزن 3.12غرام أو 2.975 غرام؟ فان ملك الإنسان من الأوراق النقدية ما يساوي نصاب الفضة وجبت عليه زكاته وإن لم يبلغ نصاب الذهب الذي هو 85 غراما". ذكره تلميذه امحمد العمراوي في كتابه "المبين عن أدله المرشد المعين" الذي قدم له د. محمد التاويل رحمه الله و د. فريد الانصاري رحمهما الله؛ ص: 275.
أما تحديد ثمن الذهب والفضة فيرجع فيه إلى قدره في البورصات العالمية وليس إلى ما عليه الثمن في المحلات التجارية ... والله أعلم وأحكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1)ـ سبل السلام 2/129.
(2)ـ إحكام الأحكام لابن دقيق العيد 2/186.
(3)ـ فتاوي ابن تيمية: (ج 25 ـ ص 9).
..........

تعليقات

التنقل السريع