القائمة الرئيسية

الصفحات




يحصل منذ مدة تركيب لنمط جديد من التصوف، وحجة أصحاب هذا النمط «العودة بالتصوف إلى نقائه الجنيدي». ومعظم أصحابه من أتباع السلفية قديمًا، الوافدين إلى الطريق حديثًا، وبعضهم أفاضل ذوو نية طيبة، إلا أن النية وحدها ليست مبررًا.

مشكلة أصحاب هذا النمط رواسب تأثرهم بمنهجهم القديم الذي تركه كثير منهم عن صدق واقتناع، إلا أنةرواسبه ما زالت متحكمة فيهم، فتجد مثلًا من لا يتورع منهم عن تكفير الشيخ الأكبر أو التقليل من شأنه، بحجة أن التصوف لن ينقص إن فقد الشيخ الأكبر، ويفوت هولاء أن معظم السلاسل الصوفية إن لم يكن لمشايخها إسناد للشيخ الأكبر، فلهم اغتراف من مشربه.


وتجد منهم من يزهِّد الناس في زيارة الإمام الحسين، أو في صدره شيء منها، وما ذاك لاعتقاد أهل مذهبه القديم بعدم وجود الرأس الشريف، على أن الصوفية أصلا ارتباطهم بالأرواح لا بالأجساد. ومن هنا تعددت بعض مشاهد الأولياء.

وربما تجد التزهيد في مسألة الزيارة من أصلها، بادعاء أن الزيارات ليست من أساس التصوف، أو مقتضيات السلوك، وهو أمر يدل على خلط عظيم، فالأضرحة والمقامات محال تنزل الفتوحات، ومدارج من مدارج الارتقاء، كما تجده مبسوطًا في سير الأولياء المسطورة، ولذلك قال سيدي ابن عطاء في «تاج العروس»حينما ساق نصائح لزيادة الهمة: «وزر ضرائح الصالحين».

ثم تجد التهوين من أمر التوسل والاستغاثة بنفس شاكلة الواهيات السابقات. والتوسل والاستغاثة نوع من الرابطة التي لا بد أن يمتليء كل مريد بها في طريق أهل الله.

وأخيرًا نجد الدعوة إلى جفاء أوراد المشايخ التي فتح الله عليهم بها، بحجة ذهاب بركتها، وأن الوارد في السنة أولى، مع أن تلك الأوراد لا تخلو من الأذكار الواردة.

والرجاء من المشايخ أهل البيوت الصوفية الانتباه لمثل هذا النمط، واختبار مريديهم من أصحاب تلك الخلفيات فيما يعتقدون، لا اختبار اتهام، بل اختبار تبيين وتقويم، لاسيما إن كان أولئك النفر من المتصدرين لطلب العلم والدعوة والتدريس، فإن الخطب حينها يعظم. والمنهج المتوارَث يتحمل أهل البيوتات مسؤولية إيصاله كاملًا غير منقوص.

بقي نمطان آخران لا يقلان ضررًا عن هذا النمط، وهو التصوف السائل بغير انضباط بشرع ولا بفهم صحيح للعلوم العرفانية المخضع للتصوف للحداثة ومبادئها؛ وثانيهما التصوف الثوري، ولهما منشور آخر.

#أزهري #محمود_مرسي_الأزهري

متابعة جميع الأخبار: الأزهر الشريف

تعليقات

التنقل السريع