القائمة الرئيسية

الصفحات

خلاصة في زكاة التاجر المدير

من خصائص التّاجر المدير أنّه يبيع بالسّعر الواقع، ولو برُخص، ولو بدون ربح، وهو بذلك يختلف عن التّاجر المحتكر الّذي يرصد ارتفاع الأسعار.

ويشملُ التّاجرُ المديرُ أصحابَ الحوانيت، والطّوّافين بالسّلع على أيديهم أو على عربات، والتّجّار الّذين يصدّرون السلع والأمتعة إلى خارج بلدانهم أو يورّدونها إلى بلدانهم.
ويدخل في تجارة الإدارة أصحاب الصّنائع والحرف، كالحاكة، والدّبّاغين، والخيّاطين، والنّجارين، ونحوهم من الّذين يقومون بعمل مزدوج بين التّجارة والصناعة، أي يشتري سلعا ويصنّعها، ثمّ يبيعها.
وأمّا أصحاب الصّناعات الّذين لا يزاولون التّجارة مع صناعاتهم، وإنّما يمارسون صناعاتهم بأيديهم، في سلع وأمتعة غيرهم، ولا ينفقون فيها شيئا، فإنّ ما يقبضونه على عملهم وكسب أيديهم مال مستفاد يستقبلون به الحول.
ماذا يحسُب التّاجر المدير عند الزّكاة؟
يحسُب التاجر المدير ما يلي:
1 ـ قيمة السّلع التّي عنده، بأن يقوّمها بسعرها الّذي تكون عليه يوم التقويم عند البائع الأوّل لها كالمصنّع لها بالنسبة لتجّار الجملة، تجّار الجملة بالنسبة للتاجر بالتفصيل. أي لا يقوّمها بما اشتراها به، ولا بثمنها الذّي يبيع به.
والسّلع التّي يقوّمها التاجر المدير ثلاثة أنواع:
أ ـ السّلع الّتي دفع ثمنها وحال الحول عليها عنده.
ب ـ السّلع التّي دفع ثمنها ولم يحل الحول عليها عنده.
ج ـ السّلع التّي لم يدفع ثمنها، وحال الحول عليها عنده، بأن يجعل قيمة سلعته التي حال حولها عنده فيما عليه من الدين.
وأمّا السّلع الّتي لم يدفع ثمنها ولم يحل عليها الحول عنده، فسيأتي ذكرها في ما لا يضمّه التّاجر عند التّقويم.
2 ـ النّقد الخاصّ بتجارته، الموجود عنده في محلّ تجارته أو بحسابه البنكي أو في بيته، أمّا النّقد غير التّجاري فسيأتي حكمه في الفوائد وأجرة الكراء، إلاّ إذا وافق نفس الحول مع تجارته.
3 ـ المقدار العددي للدّيون النقدية التي له على النّاس، وذلك إذا حلّ أجلها ورجا خلاصها. والمراد بالمقدار العددي: أي عدد النّقد كألف دينار، لا قيمة الألف دينار. وهذا بالنسبة للدّيون من جرّاء بيعه عروضه مؤجّلا. وسيأتي حكم الدّيون من جراء القرض الإحسان التي يقرضها للغير.
4 ـ قيمة الدّيون النّقدية الّتي له على النّاس، وذلك إذا لم يحلّ أجلها، ولكن يرجو خلاصها. وكانت هذه الدّيون من جرّاء بيعه عروضه مؤجّلا. والمراد بقيمة الدّين النّقدي هنا قيمته بالتّقويم لا عدده، عكس المسألة السابقة، كأن يكون له مائة دينار ـ مثلا ـ لم يحل أجلها ورجا خلاصها، فيقوّم هذا الدّين بالسّلعة الّتي باعها مؤجّلا، ثمّ يقوّم تلك السلعة بالنقد، فيحسب ذلك النقد الّذي قوّم به تلك السلعة مع ما يزكّيه، مثل أن يكون له من الدّين على شخص مائة دينار، مقابل 100 كغ من قمح باعه إيّاه، فيقال: لو بيع هذا الدين بقمح لبيع بـ 90 كغ، وسعر 90 كغ تسعون دينارا، فيخرج الزكاة عن التسعين، لا عن المائة دينار.
5 ـ قيمة الدّيون السّلعية الّتي له على النّاس، وفي ذلك صورتان:
أ ـ أن يبيع سلعة بسلعة، ويكون قد دفع سلعته من جهته ولم يقبض عوضها.
ب ـ أن يشترى سلعة ويدفع ثمنها نقدا ولم يقبضها، إمّا لأنّها غير معيّنة في عقد سلَمٌ أي تكون السلعة مؤجّلة الدّفع، وإمّا لأنّها معيّنة ولم يقبضها بعد لسبب من الأسباب، فإنّه يقوّم هذه السلعة بالنّقد ويضمّ القيمة إلى ما يزكّيه.
ويشترط فيما لم يقبضه من العروض المؤجّلة لكي يقوّمها: أن تكون مرجوّة الخلاص، فإنّه يقوّم تلك العروض كلّ عام ويزكّيها.
ولا يشترط حلول أجلها ولا عدمه.
وكيفية تقويم العروض الدّين، أن يُقوّمها بالنّقود الرائجة، ويزكّي القيمة.
ما لا يضمّه التّاجر المدير إلى ما يحسُبُه عند تقويم تجارته:
لا يضمّ التّاجر المدير إلى ما يحسُبه عند التقويم ما يلي:
1 ـ الدّين النّقدي من بيع مؤجّل الثّمن، إذا كان غير مرجوّ الخلاص، بأن كان على مُعدَم أو ظالم لا تناله الأحكام، فلا يضمّه، لا عددا ولا قيمة، فإن قبضه زكّاه لعام واحد ولو بقي عند المدين أعواما كالعين الضّائعة والمغصوبة. فإن زكّاه قبل قبضه لم يجزه، ولا بدّ من زكاته بعد القبض؛ لأنّه زكّى عمّا لا يملكه ملكا تامّا.
2 ـ الدّين النّقدي من قرض حسن أقرضه للغير من مال تجارة الإدارة، فلا يقوّمه ولا يزكّيه، ولو كان مرجوّ الخلاص. فإن قبضه زكّاه لعام واحد فقط، ولو أقام عند المدين أعواما، إلاّ إذا أخّر قبضه فرارا من الزّكاة، فيزكّيه لكلّ عام مضى.
فإن كان الدّين النّقدي من بيع سلعة بثمن مؤجّل، فقد تقدّم حكمها.
3 ـ السلع التي لم يدفع ثمنها ولم يحل الحول عليها عنده، فلا يقوّمها، ودين هذه السلع الّتي لم يحلّ عليها الحول لا يحسبه مع ما يطرح من الدّيون، سواء كان عنده من العروض ما يجعل في مقابلته أو لا.
4 ـ الأواني التي توضع فيها السلع، والآلات، ووسيلة النقل...، فلا يقوّمها.
5 ـ الفوائد النّقدية الّتي يستفيدها من غير التّجارة، كالهبة، والصّدقة، واستحقاق والإرث، أو ثمن بيع الأشياء المتّخذة للقنية كالثياب، الحيوان، وسائر العروض، إذا باعها مالكها وصارت نقودا مالية بيده.
6 ـ أجْرة الكراء المتأتّية من كراء عقارات وعروض ووسائل النقل والآلات والحيوان، وكلّ ما هو قابل للكراء.
فإنّ النّقد المتأتّي من الفوائد وإجارة ما يؤاجر، لهما حولهما المستقلّ عن حول التجارة.
طرح التّاجر المدير الدّيون الّتي عليه من مجموع ما حسبه وشروط ذلك
إذا كان على التّاجر المدير ديونٌ لفائدة الغير، (بسبب الاقتراض، أو شراء سلعة بثمن مؤجّل للقنية، أو شراء سلعة بثمن مؤجّل للتّجارة، أو مهر زوجة مقدّما أو مؤخّرا، أو زكاة عين متخلّدة في الذّمّة، أو نفقة تراكمت على المدين، لمن تجب عليه نفقته كالزّوجة والأبوين والأبناء، أو دين زكاة حرث أو ماشية أو فطر متخلّدة في الذّمّة، أو دين العرض السّلم، بأن باع عرضا مؤجّل التّسليم، أي كان العرض دينا في ذمّته، أو دين الطّعام السّلم، بأن باع طعاما مؤجّل التّسليم، أي كان الطّعام دينا في ذمّته)، فإنّه يطرحها من مجموع ما يجب عليه أن يحسبه، سواء حلّ أجلها أم لم يحلّ أجلها، ثمّ يخرج الزّكاة عمّا تبقّى إذا كان فيه نصاب.
ويشترط لطرح الدّيون الّتي عليه شروط:
الأوّل: أن يكون الدّين الّذي اشترى به العروض قد حال عليه الحول وهو على المدين. وهذا الشرط خاصّ بالعروض الّتي يشتريها التّاجر المدير بدين. فإن لم يحلّ عليه الحول فلا يسقطه ممّا يجب عليه زكاته.
الثاني: أن لا يكون له دين على الغير مرجوّ الخلاص ولو كان مؤجّلا. فإن كان له دين مرجوّ الخلاص، فإنّه يجعله في مقابل ما عليه من دين، ويزّكي ما اجتمع له ممّا حسبه من الزّكاة.
فإن لم يكن مرجوّ الخلاص، كأن يكون على معسر أو ظالم لا تناله الأحكام، فلا يجعله في مقابل ما عليه من الدّين، ويسقطه من ممّا اجتمع له ممّا يجب عليه احتسابه للزّكاة.
الثالث: أن لا يكون له ممتلكات من عروض القنية أو التّجارة ما يفي بدينه، فإنّ كان عنده ممتلكات، فإنّه يجعلها في مقابلة الدّيون الّتي عليه، ويزكّي جميع ما اجتمع عنده من رصيد ما يجب عليه أن يحسبه دون إسقاط شيء.
ويشترط في الممتلكات الّتي تُجعل في مقابل الديون أن يحول عليها الحول عنده.
ويراعى في هذا الشرط قيمة الممتلكات بالنسبة للدّيون إذا كانت مساوية لها أو أكثر منها، فإن كانت قيمتها أقلّ من الدّيون جعل القيمة في مقابل الأقلّ، وسقط من الزّكاة ما بقي من الدّيون.
والممتلكات الّتي تجعل في مقابل الدّيون، هي ما زاد على دار سكناه وأثاثه ولباسه هو ومن في نفقته الواجبة، بقدر الحاجة، ووسيلة عمله الضّرورية، فما زاد على ذلك من العقارات، والعروض، والحيوان، والحرث، هو ما يجعل في مقابل ديونه الّتي عليه.

الشيخ الحبيب بن طاهر

خلاصة في زكاة التاجر المدير


تعليقات

التنقل السريع