القائمة الرئيسية

الصفحات

بماذا شذّ سيد سابق عن جمهور الأمّة في كتابه الذي سمّاه فقه السنّة ؟


بماذا شذّ سيد سابق عن جمهور الأمّة في كتابه الذي سمّاه فقه السنّة ؟
الحمد لله مُكوّن الأكوان الموجود أزلًا وأبدًا بلا مكان والصّلاة والسّلام على خير الأنام القائل: «كان الله ولم يكن شئ غيره» ، أمّا بعد
لا يشترط للوقوع في الكفر انشراح الصدر بالإجماع ،
فقد قال ملاّ علي القاري *(1) في شرحه ‏على الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة ما نصه: "ففي حاوي الفتاوى: من كفر باللسان وقلبه مطمئن ‏بالإيمان فهو كافر وليس بمؤمن عند الله. انتهى. وهو معلوم من مفهوم قوله تعالى: {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [سورة النحل ءاية 106]".‏ا هـ .
وقال الحافظ ابن حجَر ما نصّه *(2) "قلت: وممن جنح إلى بعض هذا البحث الطبري في تهذيبه ‏فقال بعد أن سرد أحاديث الباب (يعني أحاديث الخوارج) "فيه الرد على قول من قال لا يخرج ‏أحد من الإسلام من أهل القبلة بعد استحقاقه حكمه إلا بقصد الخروج منه عالما فإنه مبطل لقوله ‏في الحديث" يقولون الحق ويقرءون القرآن ويمرقون من الإسلام ولا يتعلقون منه بشيء "ومن ‏المعلوم أنهم لم يرتكبوا استحلال دماء المسلمين وأموالهم إلا بخطأ منهم فيما تأولوه من آي القرآن ‏على غير المراد منه ، ‏ثم أخرج بسند صحيح عن ابن عباس وذكر عنده الخوارج وما يلقون عند قراءة القرآن فقال: يؤمنون ‏بمحكمه ويهلكون عند متشابهه".
ثم قال ما نصّه *(3) "وفيه أن من المسلمين من يخرج من الدين من غير أن يقصد الخروج منه ‏ومن غير أن يختار دينا على دين الإسلام ، وأن الخوارج شر الفرق المبتدعة من الأمة المحمدية ومن ‏اليهود والنصارى ، قلت: والأخير مبني على القول بتكفيرهم مطلقا ، وفيه منقبة عظيمة لعمر لشدته في الدين ، وفيه أنه ‏لا يكتفي في التعديل بظاهر الحال ولو بلغ المشهود بتعديله الغاية في العبادة والتقشف والورع حتى ‏يختبر باطن حاله".‏ اهـ .
وكذلك لا يشترط عدم الغضب ، فمن تلفظ بلفظ الكفر غاضبا عامدا أي بغير سبق لسان ، كفر . ‏قال النووي في روضة الطالبين ما نصه *(4)‏ "ولو غضب على ولده أو غلامه فضربه ضربا شديدا ، ‏فقال له رجل:‏ ألست مسلما ؟! فقال: لا ، متعمدا كفر". وفي الفتاوى الهندية *(5) "وإذا قيل لرجل: ألا تخشى الله ، فقال في حالة الغضب: لا ، ‏يصير كافرا . كذا في فتاوى قاضيخان". ‏اهـ .
وهذا فيه الرد على ما شذّ به سيد سابق عن جمهور الأمّة في كتابه الذي سمّاه فقه السنّة *(6) حيثُ قال ما نصه: "إن المسلم لا يعتبر ‏خارجا عن الإسلام ولا يحكم عليه بالردة إلا إذا انشرح صدره بالكفر واطمأن قلبه به ودخل فيه ‏بالفعل لقول الله تعالى: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا}". لأن الآية هي في المكره ليست ‏عامة له ولغيره .‏ فالله تعالى أفهمنا بهذه الآية حكمين في المكره:‏
أولهما: أن المكره على الكفر إن كان قلبه مطمئن ‏بالأيمان ولم ينشرح صدره بالكفر أنه معذور لا يحكم عليه بالكفر .‏
والثاني: أن المكره إذا شرح صدره بالكفر حكم عليه بالكفر ،‏
فخالف هذا سيد سابق (ومن تبعه في هذا) فقال: "لا يحكم على من يقول كلمات الردة بالكفر إلّا أن يختار على دين الإسلام ‏دينا غيره ويشرح صدره ويعتقده" ، فبذلك عطّل حكم هذه الآية وخرج عن إجماع المسلمين ،
قال تاج الدين السبكي في مقدمة الطبقات: لا خلاف عند الأشعري وأصحابه بل وسائر المسلمين أن من تلفظ بالكفر أو فعل أفعال الكفار أنه كافر بالله العظيم مخلد في النار وإن عرف قلبه ، وأنه لا تنفعه المعرفة مع العناد ولا تغني عنه شيئا ، لا يختلف مسلمان في ذلك" ، والله أعلم وأحكم
أحسن الله ختام كاتبه وناشره ... ءامين .
----------------------------------------‏
‏*(1) شرح الفقه الأكبر (ص/165)‏
‏*(2) فتح الباري(12/300)‏‏
‏*(3) فتح الباري (12/301-302)‏ا
‏*(4) انظر روضة الطالبين (10/68)‏ا
‏*(5) انظر الفتاوى الهندية (2/261)‏ا
‏*(6) انظر باب الردة من كتابه (2/453)‏
*** فاز من صلّى على رسول الله ﷺ ***
أخي المسلم أذكّر نفسي وإيّاك بسنة صيام يوم الخميس ولا ننسى ستًا من شوال لله تعالى لقوله ﷺ: «من صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر» (ولا يلزم أن تكون هذه الأيام متتابعة)
أخي المسلم أذكّر نفسي وإيّاك بالدّعاء للمسلمين في أنحاء العالم سيما إخواننا في فلسطين الحبيبة لله تعالى
{رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ}






تعليقات

التنقل السريع