القائمة الرئيسية

الصفحات

حين يتكلم الأقزام عن العمالقة!

 بقلم : أد / محمد إبراهيم العشماوي.

أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر.
المهندس مصطفى العدوي - في جواب له على سؤال مزعوم - يصر على أن يجرح الشيخ الشعراوي الذي اتفقت الكلمة على محبته وقبوله؛ بأنه صوفي، وعنده خلل في بعض الاعتقادات، وأنه قليل الاستدلال بالأحاديث والآثار، ولا يقول أخرجه البخاري ومسلم، وإذا استدل بها فأكثرها ضعيف، ويوهمنا بأنه يمدحه بأنه حارب الإلحاد، ودافع عن توحيد الربوبية، في إشارة إلى القدح في توحيد الألوهية عنده بسبب التوسل!
ويدعي المهندس مصطفى أن السائل يزعم أن بعض العلماء يحذرون من الشيخ الشعراوي، مع أنه لم يحذر منه عالم معتبر، ولا نعلم حذر منه إلا هؤلاء النابتة، بل هو محل تقدير واحترام من جميع أهل العلم على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، بل من غير المسلمين أيضا!
وليذكر لنا من من العلماء المعتبرين حذر منه إن كان صادقا!
ولم يعلم المهندس مصطفى العدوي أن الشيخ الشعراوي كان أمة وحده، بدليل أنه لم يظهر التيار الذي ينتمي إليه مصطفى أو يستعل؛ إلا بعد وفاة الشيخ رحمه الله، فقد كان وجوده حائط صد منيع ضد أفكارهم العفنة، وهذا هو السبب الحقيقي وراء هجومهم عليه!
تجاهل المهندس مصطفى أن الشيخ كان نجم النجوم، في وقت كانوا هم فيه أطفالا يلهون ويلعبون، وأنه استحوذ على قلوب الجماهير إلا هم، وأنه ربط الناس بالقرآن الكريم، وأدخل الثقافة التفسيرية في جميع بيوت المسلمين، في وقت اشتدت فيه الحملة على الإسلام من المتطرفين والعلمانيين والملحدين وغيرهم!
وتجاهل المهندس مصطفى أن إسرائيل استغاثت بالرئيس السادات لوقف عرض تفسير الشيخ الشعراوي؛ لتعرضه لتفسير الآيات القرآنية المتعلقة باليهود، في وقت لم يكن يتجرأ هو وأمثاله أن يتفوهوا بكلمة معارضة!
المهندس مصطفى لا يعلم أن التفسير نوعان: تفسير بالمأثور، وتفسير بالرأي، وأن الشيخ الشعراوي كان ممن يفسر بالرأي المحمود، وهذا التفسير لا يعتمد كثيرا على الأحاديث إلا حيث دعت الحاجة، على أنه لم يسمه تفسيرا، إنما سماه خواطر!
وأما إيراد الأحاديث الضعيفة فهو مذهب أئمة معتبرين، وإن كان عيبا في نظره فينبغي أن يعاب به الأئمة المتقدمون الذين أخرجوه في مصنفاتهم من غير بيان ضعفه!
وأما التقسيم الثنائي أو الثلاثي للتوحيد؛ فهو تقسيم مخترع مبتدع، شذ به ابن تيمية وأتباعه من الوهابيين عن جمهور الأمة، قصد الوصول إلى تكفير طوائف من المسلمين، ولا تعرف الأمة إلا توحيدا واحدا هو الذي جاء به، ودعا إليه جميع الأنبياء والرسل!
وأما التصوف الصحيح فهو مقام الإحسان من الدين الذي أشار إليه حديث جبريل، وهو الذي ذكر رجاله أبو نعيم الأصبهاني المحدث في حلية الأولياء، وشرحه ابن القيم في مدارج السالكين، ومدحه ابن تيمية في غير موضع من كتبه!
وأما الخلل في بعض اعتقادات الشيخ؛ فلأنه صوفي، يعتقد جواز التوسل بالأنبياء والصالحين، وهو مذهب طائفة من الفقهاء، وهي مسألة خلافية، وليست محل إجماع، بل مذهب الجمهور على الجواز، ولكن المهندس مصطفى يرمي القائلين بالجواز بالخلل في الاعتقاد، ألا فليعلم أن ابن تيمية قد رجع إلى رأي القائلين بالجواز، كما نقله عنه تلميذه الحافظ ابن كثير، فعليه يكون ابن تيمية عنده خلل في عقيدته!
باختصار: المهندس مصطفى ينتمي إلى تيار يتسم بالاستعلاء والغرور والكبر والغطرسة والجهل بقيمة العلماء وادعاء أن الصواب دائما معهم، والحق دائما لا يعدوهم، وهذه سمة غلبت على جميع منتسبي هذا التيار!
اللهم إن أحيا غيرنا ذكر الفاسدين؛ فأحي بنا ذكر الصالحين!
منقول
الشيخ الشعراوي


تعليقات

التنقل السريع