القائمة الرئيسية

الصفحات

تحريم الاحتكار


إنّ الاحتكار الذي حرّمة الله -عَزَّ وَجَلَّ- هو: إمساك شيء من الأغذية وضروريات النّاس، والامتناع عن بيعها انتظاراً للغلاء، حتى إذا ازداد اضطرار النّاس إليها، تحكّم محتكرها ببيعها بالسّعر الفاحش الذي يفرضه عليهم.
وهذا العمل حرام شرعاً، ولا يعدّ من البيع الحرّ الذي أحلّه الله، ولذلك كان الكسب منه كسباً خبيثاً، لا يباركه الله -عَزَّ وَجَلَّ-، ولا يرضى عن صاحبه.
إنّ مثل المحتكرين كمثل المرابين؛ من جهة استغلال الفريقين حاجة النّاس، وتحكّمهم فيهم بسبب الحاجة. غير أنّ المحتكرين يزدادون عند الله إثماً من جهتين:
إحداهما: أنّ استغلال حاجة الناس إلى الأقوات والأغذية وما أشبهها أفظع من استغلال الحاجة إلى النقود.
والثانية: أن استغلال المحتكرين لأقوات الناس وضرورياتهم يعمّ ضرره جماهير الناس، أمّا استغلال المرابين لحاجة من يحتاج إلى النّقود، فإنّ نطاقه ضيّق يخصّ عدداً قليلاً منهم، ولا يعمّ جماهيرهم؛ فإذا كان المرابي يأكل ربحه من الربا ناراً في جوفه؛ لاستغلاله حاجة عدد محدود من الناس، فالمحتكر يأكل ربحه من الاحتكار لهيباً من نار الجّحيم بقدر ما ينال جماهير النّاس من أذى جشعه الذي لن يبارك الله له بشيء منه.
وقد صحّ في الحديث النبوي: أنّ عاقبة المحتكر: أن يضربه الله بالإفلاس، أو بأخبث الأمراض، وهو الجذام.
الإمام محمد الخضر حسين
مجلة "الأزهر" الجزء الثالث -المجلد الرابع والعشرون، غرة ربيع الأول 1372هـ / نوفمبر، 1952م.

تعليقات

التنقل السريع