يقول الشيخ سيدي ابن عطاء الله السكندري : "لا يَكُنْ تأَخُّرُ
أَمَدِ العَطاءِ مَعَ الإلْحاحِ في الدُّعاءِ مُوْجِباً لِيأْسِكَ. فَهُوَ ضَمِنَ
لَكَ الإِجابةَ فيما يَخْتارُهُ لَكَ لا فيما تَخْتارُهُ لِنَفْسِكَ. وَفي
الوَقْتِ الَّذي يُريدُ لا فِي الوَقْتِ الَّذي تُرْيدُ" .
الإلحاح فى الشىء هو: تكرره على وجه واحدوالدعاء هو : طلب مصحوب بأدب
فى بساط العبودية لجناب الربوبية والموجب للشىء ما كا اصلا فى وجوده ، و اليأس قطع
المطامع.
حكم العبد ألا يتخير شيئاً على مولاه و يجزم بصالحية حال من الأحوال
له لأنه جاهل من أى وجه قد يكره الشىء و هو خير له و يحب الشىء و هو شر له.
قال سيدى أبو
الحسن الشاذلى : لا تختر من أمرك شيئاً و
اختر الا تختار و فر من ذلك المختار و من فرارك و من كل شىء إلى الله عز و جل:(و
ربك يخلق ما يشاء و يختار) .
فعلى العبد ان يسلم نفسه إلى مولاه و يعلم أن الخير له فى جميع ما به
يتولاه وإن خالف ذلك مراده و هواه .
قال الشيخ العربى رضى الله عنه : الناس تقضى جوائجهم بالحرص فيها و
الجرى عليها ، و نحن نقضى حوائجنا بالزهد فيها و الاشتغال بالله عنها
.
و إن كان لابد من الدعاء فليكن دعاؤك عبودية لا طلباً للحظ ، فإن
تركت الحظوظ صبت عليك الحظوظ ، و إن غلب عليك وارد الطلب و طلبت شيئاً ثم تأخر عنك
و قت العطاء فيه،فلا تتهم الله فى وعده " أدعونى
أستجب لكم ."
ولا تيأس من نواله ورفده ، فإن الله ضمن لك الاجابة فيما يريد من خير الدنيا و خير الاخرة و قد يكون اجابك و عين لذلك و قتاً هو اصلح لك و انفع فيعطيك ذلك فى الوقت الذى يريد لا فى الوقت الذى تريد و قد قال تعالى : (و ربك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة).
وما موصولة اى و يختار الامر الذى لهم فيه خيرتهم.
و قد يمنعك لطفاً بك لكون ذلك المطلب لا يليق بك و يؤخر لك ذلك لدار
الكرامة و البقاء و هو خيرا لك و ابقى، وفى الحديث عن سيدنا رسول الله صلى الله
عليه و آله وسلم : " ما
من داع إلا و هو بين إحدى ثلاث إما ان تعجل له طلبته ، و إما ان يدخر له ثوابها ،
و إما ان يصرف عنه من السوء مثلها "
إذاً الإجابه امرها لله تعالى يجعلها متى شاء و قد يكون المنع و تأخر
العطاء إجابه و عطاء لمن فهم عن الله تعالى ذلك فلا ييأس العبد من فضل الله تعالى
إذا رأى منعاً او تأخيراً و إن ألح فى دعائه و سؤاله و قد يكون تأخير ذلك للأخره خيراً
له فقد جاء فى بعض الاخبار:" يبعث عبد فيقول الله تعالى له ألم آمرك برفع جوائجك
إلىُ فيقول نعم و قد رفعتها إليك فيقول الله تعالى ما سألت شيئاً إلا اجبتك فيه
ولكن نجزت لك البعض فى الدنيا و ما لم انجزه فى الدنيا فهو مدخر لك فخذه الان حتى
يقول ذلك العبد ليته لم يقض لى حاجه فى الدنيا.
و قد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى النهي عن الاستعجال فى
إحابة الدعاء فى قوله: (يُسْتجَابُ لأَحَدِكُم مَا لَم يعْجلْ: يقُولُ قَد
دَعوتُ رَبِّي،فَلم يسْتَجبْ لِي ).
قال الشيخ عبد العزيز المهدوي رضى الله عنه : من لم يكن فى دعائه
تاركاً لاختياره راضياً باختيار الحق تعالى له فهو مستدرج ممن قيل له اقضوا حاجته
فإنى اكره ان اسمع صوته " فإن كان مع اختيار الحق تعالى لا مع اختياره لنفسه
كان مجاباً و إن لم يعط ، و الاعمال بخواتمها.
ايقاظ الهمم في شرح
الحكم
تعليقات
إرسال تعليق