القائمة الرئيسية

الصفحات

والإسلام قد تكفل لأهله بالتوجيه السليم إلى كل ما يقيم لهم الكيان القوي، والمجتمع الصالح، والدولة العادلة المهيبة. ولو أنهم لم ينحرفوا في العصور الأخيرة عن التوجه الإسلامي في أنفسهم وجماعاتهم وحكوماتهم، لما وجد الاستعمار سبيلاً إليهم، فقد أراد الإسلام لأهله أن يكونوا أقوياء بالإيمان الصحيح، والأخلاق الكريمة، والعمل الصالح، وأقوياء بالاستعداد الحربي، والتأهب دائماً للدفاع عن كيان الأمة وحقوقها.
 وقد كانوا بالفعل هم أهل العزة في الأرض، والهيبة في عيون الأمم، عندما كانوا منقادين لهذا التوجه الإسلامي، وعاملين به، فلما تهاونوا به في المئات الأخيرة من السنين، وقصروا في الاستعداد من كل نواحيه؛ لتقصيرهم في معرفة الحقوق التي أتاحها الإسلام لهم، والواجبات التي أوجبها عليهم، طمعت دول الاستعمار حينئذ في استعبادهم، واستغلال خيراتهم، وتذرعت بأوهى الأسباب لبسط سلطانها عليهم، وكان ما قد حدثنا عنه التاريخ من استيلاء الهولنديين على أندونسيا قبل نحو ثلاث مئة سنة، ومحاولة البرتغاليين السطو على سواحل العالم الإسلامي، وتوغل الإنجليز في الهند وغيرها، واستيلاء فرنسا على الجزائر، ثم على بقية شمال أفريقيا. 
وهذا كله لتقصير المسلمين في معرفة ما لهم من الحقوق، وما عليهم من الواجبات التي بيّنها الإسلام لهم، ثم لتهاونهم في متابعة التوجيه الإسلامي أفراداً وجماعات وحكومات.

فضيلة الإمام محمد الخضر حسين
"جريدة الأهرام" العدد 24220 تاريخ 7 - 3 - 1953 م


تعليقات

التنقل السريع