القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال بعنوان : فلسطين الوطن القومي لليهود


ولا معنى للاستغراب من كلام الشيخ إذ لا يوجد في كلامه ما يثير الاستغراب وعلى القارئ أن يبخث عن الحيثيات والسياقات التاريخية التي يتنزل فيها هذا البحث الذي قام على قرائن جغرافية وتاريخية وعرقية لينتهي الشيخ رحمه الله إلى خلاصة مفادها أن أن لا حق لليهود في إقامة دولة في فلسطين..ثم ما الغريب في حديث الشيخ عن القومية ..والحدود..والمنظمات الدولية..أم يراد من الشيخ أن يقفو على الواقع العالمي زمن إلقائه لهذه المحاضرات دفاعا عن أقدس قضية وأعدلها وأعقدها..أرى وجوب التريث قبل الحكم على مقاصد الشيخ وقراءة البحث قراءة واعية لا استرسالا للهوى والعاطفة والقفز على حقائق التاريخ والواقع وحاشا الشيخ رحمه الله وهو الذي علمنا من سيرته وأعماله ونشاطاته أن يحيد عن النَّصَفة أو يحلد إلى الدنيا أو ينزل إلى مستوى دون ما يليق بالعلماء أمثاله..وفوق كل ذي علم عليم.

شهدت سنة 1947 تركيز الشيخ محمد الفاضل بن عاشور على قضية فلسطين حيث قام بإبراز أهيمتها الفائقة ولعب دور الداعية والمحرض المدافع عن "فلسطين الوطن القومي للعرب"، هذه التسمية التي جعلها عنوانا لسلسلة من المحاضرات المتتالية التي ألقاها بنادي الجمعية الخلدونية بين سنتي 1947 و1948، يفتتح الشيخ الفاضل ابن عاشور أولى محاضراته بالقول:

"إنه لعنوان غريب جريء هذا الذي اتخذناه عنوانا لسلسلة المحاضرات الجديدة والتي ستلقى على هذا المنبر حول قضية فلسطين التي لا تزيد على مرّ الأيام إلا تعقيدا والتواء "

ثم يواصل قائلا: "إنه لعنوان حقيقة ينزل منزلة الجواب عن مقال هو قول اليهود فلسطين الوطن القومي لليهود فنحن اليوم أمام نازلة قضائية إذ أصبحت فلسطين في نزاع بين العرب واليهود، فاليهود وهم المدّعون في هذه القضية إذ هم الذين لا يشهد لهم أصل.. هم أصحاب المقال الذي جعلنا عنواننا جوابا له، وهو أحسن جواب عن تلك الدعوى".

ويضيف الشيخ قائلا: "فإذا نحن اتخذنا في قضيتنا هذه المواقف الدامية التي تجري الآن بالبلاد العربية ثم هذه التحضيرات الهائلة والاحتشادات للرجال والسلاح بحدود فلسطين، تنتظر المعركة الكبرى الفاصلة والهجمة الحاسمة، فإننا في هذا الانتظار نرجع إلى حججنا وجوابنا عن المقال اليهودي لنكون مرافعة منتظمة الحلقات، لا نرفعها إلى مجلس الأمن ولا المنتظم الأممي ولا الرأي العام الدولي، وإنّما نرجع بها إلى أنفسنا ذلك أننا نفضنا أيدينا من... مجلس الأمن، ومنتظم الأمم المتحدة إنما قام على تبادل المصالح والمنافع ما بين القوى الكبرى المتنازعة تلك المنازعات التي تذهب ضحيتها الشعوب المستضعفة والأمم المغلوبة أما الرأي العام العالمي فإنه لم يتكون بعد ما دامت تتنازعه مختلف الأهواء والمشارب وما دام الضمير العالمي لم يتوحد بعد، فكان لزاما علينا أن نرجع بالمرافعة أمام أنفسنا لنتحقق أننا حيث وقفنا موقفنا الحاسم لا نكون معتدين على الغير ولا نكون مبتعدين عن البراءة وعن عدم تحمل المسؤولية، ثم بعد ذلك لنطمئن على ضحايانا الغالية ودمائنا العزيزة عندما نقف موقف الفداء والتضحية، ولهذا كله جعلنا جوابنا للمقال اليهودي فلسطين الوطن القومي للعرب".

ويسترسل الشيخ الفاضل قائلا: "وداعٍ آخر أعظم من الذي سبقه يدعونا للمرافعة أمام أنفسنا وهو داعي الفتنة الحادثة من الدعايات الأجنبية التي دخلت إلى عقر دارنا... وأصبح الواحد منا يكاد يشك في نسبة البلاد للعرب". ويضيف "إن هاته المرافعة أمام أنفسنا ترسخ فينا روح فداء لأمانة المقدس الغالي وتزيدنا يأسا من المراجع الأخرى بعد أن عرفنا كنهها وغايتها وبعد أن أيقنت من أن اللجان والمؤتمرات والبحوث والمناقشات إن هي إلا سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا".

ويواصل الشيخ الفاضل كلامه بالقول:
"وهنا يحق لنا أن لا نصيح إلا إلى دعوة واحدة هي تلك الصرخة الداوية التي صدرت عن اللجنة العربية العليا (من فلسطين) فكان صداها حشد الجيوش والتمرين على الحدود"...
ويسترسل قائلا: "إن كلمتنا فلسطين الوطن القومي للعرب صالحة للرد على دعوى اليهود وذلك بناء على قاعدة دستورية حقوقية، وهي أن السيادة لا تقبل التجزئة ولا التعداد، فإذا قال اليهود (نقسم الأرض ولا خطر على العرب منا) فإنهم كاذبون في ذلك ويسلبون عن أنفسهم كل حق للسيادة فيها".


ولا معنى للاستغراب من كلام الشيخ إذ لا يوجد في كلامه ما يثير الاستغراب وعلى القارئ أن يبخث عن الحيثيات والسياقات التاريخية التي يتنزل فيها هذا البحث الذي قام على قرائن جغرافية وتاريخية وعرقية لينتهي الشيخ رحمه الله إلى خلاصة مفادها أن أن لا حق لليهود في إقامة دولة في فلسطين..ثم ما الغريب في حديث الشيخ عن القومية ..والحدود..والمنظمات الدولية..أم يراد من الشيخ أن يقفو على الواقع العالمي زمن إلقائه لهذه المحاضرات دفاعا عن أقدس قضية وأعدلها وأعقدها..أرى وجوب التريث قبل الحكم على مقاصد الشيخ وقراءة البحث قراءة واعية لا استرسالا للهوى والعاطفة والقفز على حقائق التاريخ والواقع وحاشا الشيخ رحمه الله وهو الذي علمنا من سيرته وأعماله ونشاطاته أن يحيد عن النَّصَفة أو يحلد إلى الدنيا أو ينزل إلى مستوى دون ما يليق بالعلماء أمثاله..وفوق كل ذي علم عليم.

مقال بعنوان : فلسطين الوطن القومي لليهود


تعليقات

التنقل السريع